lingerie girl fucked.check my reference http://www.pornsocket.cc barebacking my friend asshole.
mom sex we miss whitney knight.
https://anybunnyvideos.com

قانون مكافحة الاتجار بالبشر في القانون المغربي والمقارن

0

 

• ذ/ علال البصراوي (*)

إذا كان المغرب قد سن مؤخرا قانونا لمكافحة الاتجار بالبشر (القانون رقم14-27 فإن ذلك قد جاء لسد فراغ كبير في مجال السياسة الجنائية . من جهة لكثرة و خطورة نشاط العصابات الإجرامية التي تتاجر بالبشر كجريمة عابرة للحدود ، يمكن أن تطال اية دولة مهما كانت يقظتها الأمنية ،و من جهة أخرى كون المغرب سن سياسة جديدة في موضوع الهجرة من ركائزها وضع و تعديل بعض القوانين خاصة القانون المتعلق بدخول و إقامة الأجانب بالمغرب و الهجرة غير االمشروعة (القانون 03-02) والقانون المتعلق باللاجئين والقانون موضوع دراستنا والمتعلق بالاتجار بالبشر .
و بهذا القانون يكون المغرب قد لحق بصنف العديد من الدول التي وضعت قوانين تتصدى لظاهرة الاتجار بالبشر و التي سايرت الى هذا الحد او ذاك المجهود الدولي في هذا المجال و الذي يترجمه إطار مرجعي حقوقي هام تمثله عدد من الاتفاقيات و البروتوكولات و القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في الموضوع ، و الملاحظات و التوجيهات و التقارير الصادرة عن أجهزتها المتخصصة و كذا عدد من الاتفاقيات ذات الطبيعة الإقليمية .
إذا كان هذا هو الاطار العام لقانون مكافحة الاتجار بالبشر ، فما معنى أصلا الاتجار بالبشر ؟ و ما خطورة جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية ؟ و ما هي تفاصيل القانون المغربي الجديد ( القانون 14-27) المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر في ضوء القانون المقارن في نفس الموضوع و المرجعية الدولية لحقوق الإنسان ؟
تعريف الاتجار بالبشر
بالرغم من وجود عدد من التعريفات المختلفة بينها في بعض الجزيئات ، فإن التعريف الأكثر تداولا هو ذلك الذي تضمنته المادة الثالثة من بروتوكول منع و قمع و معاقبة الاتجار بالأشخااص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل الاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 . و الذي يصنف جريمة الاتجار بالبشر باعتبارها ” تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من اشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف ، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال .
و يشمل الاستغلال كحد أدنى ، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي ، أو السخرة أو الخدمة قسرا ، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق او الاستعباد أو نزع الأعضاء ” .
أما فقهيا ، و بتجميع عدد من الاجتهادات في هذا المجال يمكن القول أن جريمة الاتجار بالبشر هي كل سلوك يحول الإنسان أو أحد أجزائه إلى مجرد سلعة أو ضحية يتم التصرف فيها مباشرة أو بواسطة وسطاء محليا أو عبر الحدود الوطنية بقصد استغلاله في أعمال بأجر متدن أو في أعمال جنسية أو ما شابهها ، سواء كان ذلك باستخدام الضحية أو نقلها أو اخفائها أو تسليمها عن طريق التهديد أو الاختطاف و استخدام القوة و التحايل أو الإجبار أو أخذ أو إعطاء مقابل لاكتساب موافقة شخص يسيطر على شخص آخر بهدف الاستغلال الجنسي أو الإجبار على القيام بالعمل
– خصائص جريمة الاتجار بالبشر:
من خلال ما سبق فإن جريمة الاتجار بالبشر تتميز بعدة خصائص أهمها :
أ – إنها جريمة منظمة:
إذا كانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لم تعط لكلمة المنظمة تعريفا ، فإنها بالمقابل عرفت الجماعة الإجرامية المنظمة بأنها ” جماعة ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر ، موجودة لفترة من الزمن و تعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى ”
كما تجدر الإشارة إلى تعريف الجمعية العامة للشرطة الدولية ” الأنتروبول ” للجريمة المنظمة بكونها ” النشاط المستمر المخالف للقانون و الذي يقوم به كيان منظم و يسعى إلى تحقيق هدفه الإجرامي ولو يتجاوز حدوده الوطنية ”
ب – جريمة مركبة:
أي أن ركنها المادي يتكون من أكثر من فعل أو يتكون من أفعال ذات طبيعة مختلفة يصلح كل منها ليكون بذاته جريمة (كالاختطاف المقترن بالاغتصاب )
و في جريمة الاتجار بالبشر يكون التهديد أو الاختطاف أو الاحتيال وسيلة لارتكاب أفعال أخرى هي النقل أو التجنيد أو الإيواء أو الاستقبال فنكون امام جريمة واحدة مركبة هي جريمة الاتجار بالبشر .
ج – جريمة مستمرة:
أي أن عناصر الجريمة تستغرق زمنا و لا تتم دفعة واحدة قتل الضحية أو إيواؤها أو استقبالها أو تجنيدها للاستغلال في الدعارة أو العمل القسري أو غيره تحتاج وقتا ليتم ، و بالتالي فعنصر الزمن أمر جوهري في جريمة الاتجار بالبشر .
د – من الجرائم الواقعة على ألأشخاص:
ذلك ان موضوع جريمة الاتجار بالبشر هو الإنسان الذي يقع عليه الاعتداء بنقله من قبل الجاني أو تجنيده او ايوائه او استغلاله كليا او على جزء منه أو عضو من أعضائه.
هـ – من الجرائم العمدية:
هي عمدية لأنه يصعب ارتكابها من طرف شخص أو أشخاص عن طريق الخطأ أو الإهمال ، فكل الأفعال المشكلة لركنها المادي ( النقل أو التجنيد أو الإيواء أو الاستقبال … ) تتم عن طريق القصد و العمد ولا يمكن حدوثها بخلاف ذلك .
– التحليل القانوني للجريمة:
طالما أن جريمة الاتجار بالبشر هي جريمة عمدية و لا يمكن تصور ارتكابها بدون قصد جنائي ( الركن المعنوي للجريمة ) وبالنظر الى النصوص القانونية المجرمة لفعل الاتجار بالبشر في كل القوانين المقارنة كما في القانون الوطني ( الركن القانوني ) ، فإن الأهم في النقاش في تحليل هذه الجريمة هو الركن المادي و الركن المعنوي .
و يتكون الركن المادي لهذه الجريمة من ثلاثة عناصر : الفعل الجرمي و الوسائل المعتمدة في ارتكاب ذلك الفعل ثم محل الجريمة اي موضوعها و هو بالضرورة الإنسان أو احد أجزائه، و نقف عند كل عنصر من هذه العناصر
أولا : الفعل الجرمي :
كما هو واضح في تعريف المادة الثالثة من البروتوكول الخاص بمنع وقمع و معاقبة الاتجار بالأشخاص المشار إليها أعلاه، فإن الفعل الجرمي في جريمة الاتجار بالبشر يتمثل أساسا في : التجنيد أو النقل أو التنقيل أو الإيواء او الاستقبال
و جل القوانين اعتمدت هذه الأفعال كأساس للركن المادي في هذه الجريمة، و بعض القوانين أضافت بعض الأفعال الأخرى كما هو حال القانون المغربي كما سنوضح لاحقا.
و نقف عند كل فعل في هذه الأفعال
1- التجنيد :
ليس المقصود بالتجنيد هنا تجميع الضحايا قصد إلحاقهم بالجيش كما يدل المصطلح لغة ، وإنما المقصود تعبئة الضحايا و العمل على إقناعهم بكل الوسائل الذهنية و العاطفية و المادية لاستغلالهم في الدعارة أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق و ما شابهه.
2- النقل :
يتحقق فعل النقل المكون للركن المادي في جريمة الاتجار بالبشر عندما يتم رغما عن ارادة المجني عليه و قد يكون ذلك باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها .
و لا يشترط في عملية النقل استعمال وسيلة معينة لقيام فعل النقل بل المهم ترحيل الضحية من المكان الذي تقيم فيه الى مكان آخر قصد الاستغلال .
3- التنقيل:
يقصد بالتنقيل نقل المجني عليه بالقوة أو التهديد بها من المكان الذي يقيم فيه عادة إلى المكان الذي يتم فيه استغلاله، وما دام فعل النقل المشار إليه سابقا في هذه الجريمة لا يتم أصلا بإرادة المجني عليه و إنما يتم بالضرورة بدون إرادته ، فإن إضافة فعل التنقيل كفعل مستقل في تعريف الجريمة لا مبرر له.
و قد انتقل هذا التكرار الغير المبرر من المادة الثالثة من البروتوكول إلى العديد من قوانين الدول بما فيها القانون المغربي (المادة 1-448 ق ج ) .
4- الإيواء:
يقصد بفعل الإيواء قيام الجاني بتوفير مكان لإقامة المجني عليه و إخفائه عن الأنظار سواء كان ذلك المكان منزلا أو سواه . و يجب أن يكون ذلك بإرادة صاحب ذلك المكان مع علمه بالقصد من الإيواء أما إذا كان ذلك رغما عن إرادته ، أو بالاحتيال عليه كما لو ادعى الفاعل كذبا أن الأطفال المخطوفين أولاده و يريد إيواءهم بذلك المنزل ، فإن فعل الإيواء كفعل جرمي لا يتحقق في جانب صاحب المنزل .
5- الاستقبال:
يتميز فعل الاستقبال عن فعل الإيواء ، فالإيواء يفترض الإقامة والاستقرار بغض النظر عن المدة أما الاستقبال فهو يتم في لحظة و قد يعقبه إيواء أولا يعقبه كأن يسلم الجاني المجني عليه إلى شخص آخر فيقوم الثاني بإيوائه فيتحقق في جانبه فعل الاستقبال و الإيواء أو يقوم بتسليمه إلى شخص ثالث فيتحقق في جانبه هو (الثاني) فعل الاستقبال فقط .
هذه أهم صور الفعل الجرمي في جريمة الاتجار بالبشر .
و يتحقق الفعل الجرمي بوسائل يمكن إجمالها في التالي:
1- الإكراه او القسر:
الإكراه أو القسر هو كل ما يجعل الإنسان يأتي فعلا دون إرادته وذلك بالتأثير عليه بحيث تنعدم إرادته أو تضعف إلى الحد الذي يجعله أمام اختيار وحيد هو القيام بالفعل الذي يريده من قام بإكراهه .
و الإكراه أما مادي كاستعمال القوة أو إعطاء المجني عليه مخدر أو مسكر أو معنوي
و يتحقق الإكراه المادي في جريمة الاتجار بالبشر بتحقق شرطين :
الأول : ألا يتوقع المجني عليه الإكراه المادي من الجاني وألا يكون في استطاعته توقعه
الثاني : عدم قدرة المجني عليه مقاومة ذلك الإكراه المادي ، فإذا كان بإمكانه مقاومته و لو جزئيا بما يرفع عليه الإكراه وإعدام إرادته و لم يقاومه فإن وسيلة الإكراه المادي لا تتحقق و بالتالي ينهار الركن المادي ومن تم الجريمة بأكملها.
أما الإكراه المعنوي فهو الذي يتوجه إلى نفسية المجني عليه لإضعاف إرادته وجعله يخضع لإرادة الجاني فيتم استغلاله في الدعارة او السخرة أو الخدمة قسرا .
2 – التهديد بالقوة أو باستعمالها:
إن استعمال القوة ما هو في حقيقة الأمر إلا الإكراه المادي أو القسر المتحدث عنه سابقا .
أما التهديد بالقوة فيعني كل أسلوب يستعمله الجاني من خلال الكلام أو الحركات أو الإيماء من شأنه إلقاء الرعب والخوف في نفس المجني عليه بسبب إيذاء يراد إلحاقه بشخصه أو بماله أو بشخص آخر يهمه أمره أو بماله، و معنى ذلك أن الإيذاء قد يصيب جسمه أو حريته أو حرمته أو عرضه أو شرفه أو ماله أو جسم أو شرف أو حرمة أو عرض شخص يهمه كما لو كان التهديد بإيذاء أحد أفراد عائلته إن لم يخضع لإرادة الجاني .
3 – الاختطاف:
و يتم الاختطاف بنقل المجني عليه من المكان الموجود فيه إلى مكان آخر و احتجازه فيه وإخفاؤه عن الغير، و يتحقق ذلك بغض النظر عن طريقة الاختطاف سواء أحصل ذلك خلسة أو عن طريق الحيلة و الخداع
أما لو انتقل المجني عليه مع الجاني برضاه أو انه كان بإمكانه أن يستنجد بالغير . لكنه لم يفعل ، فإن وسيلة الاختطاف لا تتحقق و من تم الركن المادي ككل .
4- الاحتيال:
يعني الاحتيال في الركن المادي لجريمة الاتجار بالبشر استعمال الجاني لادعاءات كاذبة مدعمة بمظاهر خارجية لتضليل المجني عليه ، كما لو نشر الجاني إعلانا يطلب فيه فتيات للقيام بعرض أزياء في مكان ما فيجدن أنفسهن في مكان يتم فيه حبسهن واستغلالهن في الدعارة أو السخرة أو الخدمة قسرا .
5- الخداع:
رغم أن المادة الثالثة من البروتوكول المذكورة أعلاه وكذا مختلف التشريعات المقاربة اعتمدت وسيلة الخداع إلى جانب الاحتيال فإن الأمر لا يعدو أن يكون تكرارا لنفس المعني ، فالاحتيال جنائيا يكاد يطابق الخداع .
6 – استعمال السلطة:
يؤخد مفهوم السلطة في هذا المجال على إطلاقه، و ذلك يعني أي شكل من أشكال التبعية التي تكون للمجني عليه اتجاه الجاني كسلطة الأب على أولاده حين يستعملها فيقوم بالاتجار بهم نتيجة الفقر أو الفاقة أو الجشع و الطمع ، أو سلطة صاحب المنزل على خادمته فيقوم بالاتجار بها باستغلالها في الدعارة عوض الأعمال المنزلية ، أو سلطة رب العمل على عماله فينقلهم إلى مكان آخر لاستغلالهم في السخرة عوض عملهم العادي
7 – استغلال حالة الضعف او الهشاشة او الحاجة :
و كما تعني هنا حالة الضعف و الهشاشة الوضعية المادية ، فإنها تعني أيضا الحالة الصحية كما لو كان المجني عليه عاجزا عن إبداء المقاومة و الاستغاثة لعلة أو عاهة أو مرض أو كون المجني عليه طفلا أو مسنا عاجزا عن المقاومة .
8 – إعطاء أو تلقي مبالغ مالية او منافع أو مزايا:
و يتم ذلك بقيام الجاني بتقديم مبلغ مالي لشخص يقوم بإقناع شخص ثالث له سيطرة عليه من اجل الاتجار به او استغلاله بأية صورة من صور الاتجار بالبشر أو العكس تتم بتلقي الجاني مبلغا ماليا من شخص من أجل الحصول على موافقة الضحية للاتجار به و كما يتم ذلك بمبلغ مالي فإنه قد يتم بأية مزية لها قيمة مادية أو معنوية صالحة للتقييم و لكي تكون بدلا.
موضوع الاتجار بالبشر:
موضوع الاتجار بالبشر عنصر أساسي في الركن المادي للجريمة .
و بالتأكيد فإنه في كل المواثيق الدولية ذات الصلة والقوانين المقارنة، فإن موضوع الاتجار بالبشر يجب أن يكون إنسانا،
والمعيار القانوني في اعتبار الإنسان يحصره من تمام ولادته حيا إلى حين وفاته، وهذا جعل بعض الفقه يستبعد انطباق مقتضيات الاتجار بالبشر على الإنسان بعد موته باعتبار الأمر يصبح متعلقا بمجرد جثة وأيضا عدم انطباقها عن الجنين في بطن امه طالما انه لم يخرج إلى الحياة حيا .
لكننا بخلاف ذلك نرى ان الكرامة متأصلة في الإنسان ولصيقة به منذ تكونه كجنين و حتى بعد وفاته، و هذا ما جعل القوانين تأخذ بعين الاعتبار في أحكامها وجود جنين في بطن الأم في مسائل عدة كالزواج و الإرث وغيرهما، كما وضعت أحكاما لحماية حرمة الموتى و جرمت كل الأفعال و السلوكات التي تمس كرامة الإنسان حتى بعد موته كنبش القبور وغيره .
ومن جهة أخرى إذا كان نزع عضو من الإنسان و المتاجرة فيه يدخل في نطاق الاتجار بالبشر فإنه يكون من الأولى و الأخرى انطباق تلك المقتضيات على المتاجرة في جنين أو جثة إنسان.
و إذا كان الأمر كذلك ، و إن موضوع جريمة الاتجار بالبشر هو الإنسان كلا أو جزءا فإنه غني عن البيان ألا عبرة بلون بشرة ذلك الإنسان أو جنسه أو عرقه أو موطنه أو سنه أو مستواه الاجتماعي أو دينه و ما إذا كان له نسب أم لا ، و ما إذا كان في صحة جيدة أم انه مريض وميؤوس من علاجه، والعبرة في الأمر كله أن يكون إنسانا .
القصد الجنائي في جريمة الاتجار بالبشر:
بالإضافة إلى الركن المادي و تفاصيله المذكورة أعلاه ، يتعين توفر الركن المعنوي للجريمة أي القصد الجنائي .
و القصد في هذه الجريمة قصد جنائي عام و قصد جنائي خاص .
و إذا كان القصد العام ينصب على علم الجاني بكونه يرتكب الجريمة بمعناها المذكور كما ينصب على الارادة اي ان الجاني يرتكب الجريمة بإرادته و إدراكه التام .
اذا كان الأمر كذلك في القصد العام ، فإن الأمر أهم في القصد الجنائي الخاص كونه ينصب على كون الجاني يقصد من الأفعال التي قام بها و المفصلة أعلاه و خاصة تجنيد المجني عليه أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله إنما يهدف من ذلك إلى استغلال المجني عليه
و يتخذ الاستغلال صورا عدة لا يمكن حصرها و انما يمكن ذكر بعضها على سبيل المثال أو كما جاء في المادة الثالثة من البروتوكول المذكورة أعلاه ” … و يشمل الاستغلال كحد أدنى ، استغلال دعارة الغير … ” .
أو كما نصت المادة 1- 448 في القانون الجنائي المغربي : يشمل الاستغلال جميع اشكال الاستغلال الجنسي لا سيما استغلال دعارة الغير و الاستغلال عن طريق المواد الإباحية بما في ذلك وسائل الاتصال و التواصل المعلوماتي و يشمل أيضا الاستغلال عن طريق العمل القسري أو السخرة أو التسول أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع الأعضاء أو نزع الأنسجة البشرية أو بيعها ، أو الاستغلال عن طريق إجراء التجارب والأبحاث الطبية على الأحياء أو استغلال شخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة .
و سنقف لاحق عند بعض أهم صور الاستغلال وهي في ذاتها تعكس بعض أخطر الصور للاتجار بالبشر وان كانت هذه الجريمة خطيرة و بشعة في كل صورها .
خطورة جريمة الاتجار بالبشر:
يعد الاتجار بالبشر اليوم واحدة من اخطر الجرائم لاعتبارات عدة :
منها كونها جريمة عابرة للحدود لكن في نفس الوقت تمارس داخل البلد نفسه ، و كما يمكن ان يمارسها شخص، فإن خطورتها تزداد عندما تمارسها عصابات و شبكات منظمة وأحيانا محترفة
لكن اخطر أوجهها باعتبارها جريمة تمس الحق في الحياة و الحرية و هي استمرار لنظام الرق و العبرية اخطر اوجهها يتجلى في أمرين :
الأمر الأول : كونها تشكل اليوم ثالث تجارة غير مشروعة على مستوى العالم بعد تجارة السلاح و تجارة المخدرات . و تشير كثير من التقارير الدولية إلى أن عدد ضحايا الاتجار في البشر من الأطفال و النساء تجاوز ثمانمائة ألف شخص سنويا عبر الحدود و أكثر من هذا الرقم داخل حدود بلدان العالم خاصة في الدول التي تعرف حروبا أو عدم استقرار، أو في بعض الدول الآسيوية التي يعتمد اقتصادها على السياحة .
و قد أكد تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الصادر سنة 2006 خطورة و عالمية هذه الجريمة ولاحظ أن كل الدول معنية بالاتجار بالبشر بشكل أو بآخر.
وأشار التقرير إلى أن الاتجار بالبشر ينطلق من 127 دولة و يعبر 96 دولة و يتم الاتجاه بالضحايا الى 137 دولة حيث يتم استغلالهم خاصة في الدعارة وأعمال السخرة وأشار آنذاك إلى أوروبا الشرقية و آسيا ، و هذه الرقعة تتوسع باستمرار عبر خريطة العالم، خاصة مع وسائل الاتصال و التواصل الحديثة و التي استغلتها الشبكات المتاجرة في البشر بشكل كثيف.
– الأمر الثاني الذي يجعل من الاتجار في بالبشر واحدة من اخطر الجرائم كونه يمس جزءا من الفئات الأكثر هشاشة و تحديدا النساء و الأطفال و يتم استغلالهم في اعمال السخرة و الحروب لكن النشاط الأساسي هو الاستغلال الجنسي .
– استغلال الأطفال:
و تشير الكثير من التقارير إلى أن الاستغلال الجنسي يشكل أزيد من 80 في المائة من أشكال الاتجار بالبشر ، و تشير أيضا أن 30 إلى 36 في المائة من مجموع العاملين في أنشطة جنسية في جنوب شرق آسيا مثلا تتراوح أعمارهم بين 12 و 17 سنة و في شرق أوروبا بين 40 و 50 في المائة من العاملات في الجنس فتيات قاصرات .
كما تشير التقارير إلى انه جرى استخدام أطفال الملاجئ الذين تتراوح أعمار بعضهم بين 10 و 12 سنة للاشتراك في أفلام إباحية .
وإذا كان فقر الأطفال الضحايا و عائلاتهم و انعدام أو ضعف الاستقرار السياسي و الأمني في بلدانهم هو السياق المسهل للاتجار في الأطفال ، فإن طرق وصول العصابات الإجرامية إلى هؤلاء الأطفال تختلف ، فقد يصل المجرمون إليهم عن طريق شرائهم مباشرة ، أو أخذهم كبدل عن ديون في ذمة عائلاتهم التي عادة ما تكون تعاني الفقر، و أحيانا يتم اختطافهم و المطالبة بفديتهم و في حالة عدم قدرة أهاليهم على دفع الفدية يتم بيعهم ، كما يتم أحيانا توريطهم عن طريق تقديم الوعود بتشغيلهم في دول أخرى في ظروف جيدة ، و بعد تهجيرهم يجدون أنفسهم عرضة إلى قطع صلتهم بعائلاتهم حتى تتم السيطرة الكاملة عليهم .
وإذا كان الاستغلال الجنسي هو ابرز وجوه استغلال الأطفال، فإن هناك وجوه و صور أخرى لاستغلالهم لا تقل سوءا وخطورة أبرزها : استغلال الأطفال في الحروب.
إذ قدرت منظمة اليونيسيف أن ما يقارب 300 ألف طفل دون سن الثانية عشرة يستغلون حاليا في أكثر من 30 منطقة نزاع مسلح عبر العالم . و لاحظت أن أكثر الجنود الأطفال تتراوح أعمارهم بين 15 و 18 سنة، لكن في كثير من الأحيان تكون أعمارهم اقل من ذلك أيضا من صور استغلال الأطفال استعمالهم في ترويج المخدرات و تهريبها ، و تستغل العصابات الاجرامية الأطفال في نشاطها هذا لسهولة تعبئتهم و عدم درايتهم بخطر ما يقومون به و أبعاده القانونية، و من جهة أخرى احتمال انفلات الأطفال من المراقبة الأمنية كونهم أقل إثارة للانتباه .
و من أوجه استغلال الأطفال أيضا استعمالهم في التسول ، إذ تلجأ العصابات و الشبكات المختصة إلى اعتماد الأطفال لاستدرار عطف الجمهور على هؤلاء الأطفال فيمكنوهم من الهبات و الصدقات . و يلاحظ انتشار أعدادا كبيرة منهم في شوارع المدن الكبرى في العديد من الدول خاصة النامية ، و في الدول الإسلامية بالقرب من أماكن العبادة وأحيانا يتم استغلالهم في هذه الممارسة من طرف ذويهم أما بسبب الفقر آو بسبب الجشع .
أيضا من صور استغلال الأطفال ، تشغيلهم في الخدمة المنزلية ، إذ انتشرت في العديد من الدول شبكات تشتغل علنا و تعرض على ارباب البيوت خدماتها في جلب من يقوم بالخدمة المنزلية و غالبا ما يكون فتاة قاصر . و يتم جلب هؤلاء الأطفال غالبا من المناطق القروية إلى المدن، و يكون ذلك عن طريق وسطاء بمقابل . كما انتشرت و منذ سنوات عملية جلب العاملات في المنازل من دول جنوب شرق آسيا إلى بعض الدول الخليجية و حتى إلى دول في شمال إفريقيا .
والمثير للانتباه أن عدد الأطفال ضحايا الاتجار بالبشر يرتفع باستمرار رغم الترسانة الحقوقية الكبيرة التي وضعتها الأمم المتحدة و عدد من المنظمات المختصة ، و رغم تجريم هذا الفعل في كل القوانين بل و اعتبار كون الضحية قاصر في جريمة الاتجار بالبشر ظرف تشديد في كثير من القوانين المقارنة.
وبالنسبة للقانون المغربي ، فقد اعتبر جريمة الاتجار بالبشر قائمة عندما يتم تجنيد الضحية أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بواسطة وسائل ذكر منها التهديد بالقوة أو باستعمالها أو الاحتيال أو الخداع أو وسائل أخرى ذكرها ، لكن في الفقرة الموالية من المادة 1-448 من القانون الجنائي اعتبر انه لا يشترط استعمال أية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى لقيام جريمة الاتجار بالبشر تجاه الأطفال الذين تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة بمجرد تحقق قصد الاستغلال.
كما انه رفع العقوبة في حدها الأدنى من خمس سنوات إلى عشرين سنة و الأقصى من عشر سنوات الى ثلاثين سنة و كذلك الغرامة إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر دون الثامنة عشرة، ومع بعض الفوارق البسيطة، خاصة في مدة العقوبة ، فإن جل القوانين المقارنة شددت العقوبة في جريمة الاتجار بالبشر عندما يكون الضحية طفلا أو شخصا في وضعية إعاقة.
أما على مستوى الاتفاقيات و المواثيق الدولية و الإقليمية فقد عملت على وضع مقتضيات كثيرة لحماية الأطفال في الاتجار بالبشر ووقفت عند ممارسات كثيرة شائعة تجعل الأطفال ضحايا لهذه الجريمة .
و هكذا مثلا ، وقفت اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 عند حماية الأطفال من الاتجار تحت ذريعة التبني ، و نصت على انه يجب على الدول التي تقر او تجيز نظام التبني ان تحمي مصالح الطفل و تضعها في الاعتبار الأول و ذلك عن طريق اتخاذ عدد من الاحتياطات اللازمة ، و ذكرت الاتفاقية من بينها ان يستفيد الطفل المتبنى في بلد آخر من ضمانات ومعايير تعادل تلك المعايير و الضمانات الموجودة بالنسبة للتبني الوطني و فضلا عن ذلك يجب اتخاذ جميع التدابير المناسبة كي تضمن، بالنسبة للتبني في بلد آخر ان عملية التبني لا تعود على أولئك المشاركين فيها بكسب مالي غير مشروع .
و في نفس السياق حذرت منظمة “اليونيسيف” عدة مرات في تقاريرها من ظاهرة ” التبني الكاذب”، وقدرت أن 1000 إلى 1500 طفل رضيع في غواتيمالا ” يتم الاتجار بهم كل عام لأغراض التبني ” .
و تتعرض فتيات لا تزيد أعمارهن على 13 سنة من آسيا و أوروبا الشرقية للمتاجرة بهن بوضعهن “كعرائس تحت الطلب” عبر البريد ويواجهن مخاطر شديدة بسبب التعرض للعنف، كما أشارت المنظمة في موقعها إلى أن أعدادا غفيرة من الأطفال تتم المتاجرة فيهم في غرب و وسط افريقيا للقيام بأعمال الخدمة المنزلية و الاستغلال الجنسي والعمل في محال تجارية أو في المزارع ، و ان نحو 90 في المائة من عمال الخدمة المنزلية هم من الفتيات.
– استغلال النساء:
تعد النساء من أهم الفئات التي تقع ضحية لجريمة الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم ويتخذ ذلك صورا متعددة في مجالات متعددة سواء في المجالات الصناعية أو خدمة البيوت أو الجنس، وقد انتشرت هذه الجريمة منذ زمن طويل لذلك بدأت ايضا مجهودات الدول بشكل فردي أو كمنتظم دولي في محاربتها ايضا مبكرا ، و خير دليل على ذلك الاتفاق الدولي الخاص بمكافحة تجارة الرقيق الأبيض بتاريخ 18 ماي 1904 و الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في الرقيق الأبيض في 4 ماي 1910 .
و في ظل عصبة الأمم أبرمت الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في النساء و الأطفال في 30 شتنبر 1921 و الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في النساء البالغات بتاريخ 11 أكتوبر 1933
و بعد إحداث هيئة الأمم المتحدة، أبرمت عدة اتفاقيات دولية معدلة للاتفاقيات السابقة و كان أهمها تلك المبرمة في تاريخ 2 دجنبر 1949، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المبرمة في تاريخ 18 دجنبر 1979 ،و البروتوكول الخاص بمنع و قمع و معاقبة الاتجار بالأشخاص و خاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية و الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الخامسة و الخمسين بتاريخ 15 نونبر 2000 .
و خلال كل هذه الحقب والمجهود الدولي كان مفهوم الاتجار بالنساء يتطور ويختلف من مرحلة إلى أخرى، و لعل ذلك راجع من جهة الى تعقيد هذه الجريمة و من جهة أخرى إلى كونها تتخذ في كل مرحلة صورا مختلفة مع الحفاظ على مضمونها الماس بكرامة وإنسانية الإنسان .
و يمكن القول إن مفهوم الاتجار بالنساء في المرجعية الدولية مر بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : ما قبل اتفاقية إلغاء الاتجار في الأشخاص و استغلال دعارة الغير لسنة 1949 . في هذه المرحلة كان المصطلح الشائع هو ” الاتجار بالرقيق الأبيض ” و كان الأمر يتسم بنوع من التعميم .
المرحلة الثانية : مرحلة اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بإلغاء الاتجار في الأشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949 .حيث عدلت هذه الاتفاقية كل الاتفاقيات التي سبقتها.
و يكاد مفهوم الاتجار بالنساء في هذه الاتفاقية يقصد به الاتجار بقصد الدعارة و يتضح ذلك من جل مضمون الاتفاقية و من بداية تصديرها الذي جاء فيه ” … لما كانت الدعارة و ما يتبعها من شر الاتجار في الأشخاص بقصد الدعارة ، لا تليق بكرامة الانسان و قيمته ، و تعرض للخطر صالح الفرد و الأسرة و المجتمع … ”
و مواد الاتفاقية سارت في هذا الاتجاه .
المرحلة الثالثة : مرحلة البروتوكول الخاص بمنع و قمع و معاقبة الاتجار بالأشخاص و خاصة النساء و الأطفال لسنة 2000 . حيث اعتمد المنتظم الدولي من خلال المادة الثالثة لهذا البروتوكول تعريفا جديدا للاتجار بالنساء ضمن مفهوم عام للاتجار بالأشخاص . و هو التعريف الذي أوردناه في بداية هذه الدراسة والذي أخذت منه تعريفات قوانين كثير من الدول التي جرمت الاتجار بالبشر في قوانينها .
و من خلال ذلك التعريف فإن الاتجار بالنساء بغرض استغلالهن يتم بالصور التالية :
– الاستغلال الجنسي:
و تشكل هذه الصورة اغلب أوجه و مظاهر الاتجار بالنساء ، و ازدادت اليوم هذه الحالة انتشارا و خطورة مع وسائل الاعلام و التواصل الحديثة و التي سهلت عملية الاستغلال الجنسي سواء في الدعارة او إنتاج الأفلام و الصور الخليعة أو غير ذلك ، حيث تتواجد على شبكة الانترنيت سوق عالمية للجنس تعرض فيه الأفلام و اللقطات و الصور دون ان تخضع لأية رقابة أو تمنعها اية حدود
– استغلال السخرة او العمل قسرا:
يتم ذلك بإرغام الضحية على العمل قسرا و في ظروف غير إنسانية، لا تحترم مقومات و شروط العمل المعروفة و لا تحترم كرامة الإنسان ، و لا تستطيع الضحية الانفلات منها نتيجة الوضع التي تجد نفسها فيه ، كتجريدها من وثائقها الخاصة بعدما يتم الاحتيال عليها و تنقيلها إلى بلد آخر تحت وهم العمل ، وأحيانا يتم الاستيلاء حتى على أجرها .
– الاسترقاق أو ما شابهه:
هذه اسوء صور الاتجار في النساء و هي الصورة المباشرة للتملك كما ظهر مؤخرا في بعض الدول التي تعيش عدم استقرار سياسي و امني حيث خضع الرجال والنساء للبيع والشراء مباشرة، و يدخل في هذا الإطار أيضا بيع الأجنة و هي تجارة تنتشر في بلدان معينة و لها شبكات اجرامية خاصة .
ومن خلال هذه الصور لاستغلال النساء و المشمولة في تعريف المادة 3 من بروتوكول 2000 يتضح أن تعريف الاتجار بالبشر و تحديدا الاتجار في النساء قد اتسع و لم يعد مقتصرا على الاستغلال الجنسي، كما ان التعريف الجديد لا يقتصر على ارتكاب الفعل بشكل تام و عمدي بل يتعداه إلى الشروع في ارتكاب احد الأفعال المنصوص عليها كالتجنيد و النقل و التنقيل والإيواء والاستقبال أو الاختطاف ، كما يشمل و كما يعاقب الفاعل الأصلي يعاقب المساهم أو الشريك .
– الاتجار بالأعضاء البشرية :
من صور جريمة الاتجار بالبشر ، عملية الاتجار بالأعضاء البشرية.
و لابد عند تناول هذا الموضوع من التمييز بين تجارة الأعضاء البشرية و زرع الأعضاء البشرية، إذ يقصد بزرع الأعضاء البشرية نقل عضو سليم أو مجموعة من الأنسجة من المتبرع إلى المستقبل ليقوم مقام العضو أو النسيج الذي تعرض للتلف فيؤدي وظيفته داخل جسم المتلقي، وهذه العملية منظمة بالقوانين و تخضع أساسا لعمليات التبرع ، و تعمل الدول على تشجيعها . لكن تحاول أن تتم وفق مساطر قانونية جد دقيقة و صارمة تلافيا لأن تصبح عملية الزرع التي تنطلق من التبرع إلى عمليات تجارية.
و في المغرب فإن عملية التبرع بالأعضاء و الأنسجة منظمة بمقتضى القانون 98-16 الذي حافظ فعلا من خلال مادته الرابعة و المادة الثالثة عشرة على طابع التبرع و الاختيار و قام بحماية المتبرع و المستقبل ، بل و مكن المتبرع من التراجع و الغاء موافقته متى شاء .
اما بالنسبة للاتجار بالأعضاء البشرية فهو يمثل جريمة، والاتجار يشير مباشرة إلى عملية البيع والشراء وتحقيق الربح و الى وجود بائع و مشتر و سوق للبيع ووسطاء و كل ذلك ينصب على جعل أعضاء جسم الإنسان مادة للبيع والشراء عن طريق نقلها من جسم صاحبها رضاء وكرها و نقل ملكيتها إلى شخص آخر .
و قد تزايدت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة وانتشرت في كثير من الدول و نشطت سوق تداولها وإن كانت الدول النامية هي غالبا السوق المصدرة، ولعل مرد انتشار الظاهرة يعود إلى عوامل متعددة، منها عاملين أساسا: الأول يتعلق بتقدم الطب و تقنياته و سهولة نقل عضو من جسم إلى جسم، والثاني يتعلق بانتشار الفقر والهشاشة بشكل كبير وسط العديد من الفئات في مجتمعات عدة ، ما يجعل أشخاصها يقعون تحت ضغط مغريات السماسرة في الأعضاء البشرية الذين يبيعون بدورهم تلك الأعضاء و الأنسجة الى أشخاص يملكون المال لكن لا يملكون صحة عضو من أعضاء جسمهم ، فيسعون إلى الحصول عليه و لو عن طريق المشاركة في ارتكاب جريمة الاتجار في الأعضاء التي قد تنزع من صاحبها إما بدافع الفقر والحاجة أو إرغامه لوضعية وجد نفسه فيها .
و نقل الأعضاء البشرية والاتجار فيها يتخذ عدة صور نذكر منها : توفير الأعضاء البشرية بالتعاون مع مستشفيات و مصحات بعد ما يكون قد تم تجميعها تحت ذريعة التبرع و يتم بعد ذلك الاتجار فيها.
– اختطاف الأطفال واستئصال بعض الأعضاء من أجسادهم خاصة الكلي و العيون ثم الاتجار فيها .
– اختطاف المشردين و العاجزين و المرضى عقليا و قتلهم و نزع أعضائهم ثم بيعها.
– سرقة الجثث خاصة تلك التي تظل في المستشفيات أو ثلاجات الموتى كون أصحابها مجهولي الهوية ولم يطلبها أحد فيتم استئصال أعضائها و بيعها، وهي بعضا من صور الاتجار في الأعضاء البشرية، لكن سرية العمليات التي تتم بها تجعل صورها دائما تتجدد و تزداد خطورة.
وبالنسبة للمغرب ، و بالرغم من تجريم الاتجار في الأعضاء في المادة 15-448 من القانون و بالرغم من الاحتياطات التي وضعها المشرع في القانون 98-16 المتعلق بالتبرع بالأعضاء و الأنسجة ، إلا أن الأمر لا زال يحتاج إلى تدقيق أكثر وسد العديد من الثغرات التي يمكن أن تستغل لعمليات الاتجار بالأعضاء البشرية ، و هي في غلبها متعلقة بالوضعية المادية للناس وبالحالة التي يعيشها قطاع الصحة اليوم .
– القانون المغربي لمكافحة الاتجار بالبشر :
بعد نقاش مهم شاركت فيه العديد من الفعاليات و المؤسسات ، صدر بالمغرب القانون المتعلق بمحاربة الاتجار بالبشر و هو الظهير رقم 127-16-1 بتاريخ 25-08-2016 لتنفيذ القانون رقم 14-27 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 19-09-2016
ولا بد من التأكيد على أن مجرد توفر المغرب على قانون متعلق بمحاربة هذه الجريمة العابرة للحدود هو أمر مهم و مكسب يعزز الترسانة القانونية الوطنية، و يزداد الأمر أهمية عندما اعتمد هذا القانون في تعريفه للاتجار بالبشر على المرجعية الدولية لحقوق الانسان و تحديدا المادة 3 من بروتوكول 2000 ، والمشار إلى نصها في هذه الدراسة أعلاه ، بل اكثر من ذلك ان المشرع المغربي أضاف في تعريفه بعض المقتضيات التي لم ترد في تلك المادة إذ أضاف في معنى الاتجار بالبشر و تحديدا الفعل المشكل للركن المادي مسألة الوساطة ، و جرمها و هي عنصر أساسي اليوم في ارتكاب هذا الفعل ان لم يكن هو الأهم اذ يصعب ارتكاب هذه الجريمة بدون وسطاء، بينما أضاف في الوسائل المستعملة استعمال الوظيفة أو النفوذ و هما أكثر دقة من مصطلح استعمال السلطة التي احتفظ بها المشرع المغربي أيضا، فالنفوذ أوسع من السلطة والوظيفة أكثر تحديدا من السلطة و النفوذ.
كما أن المشرع المغربي اختار حماية الأطفال بالتشدد حين يتعلق الأمر باستغلالهم فنص على انه لا يشترط استعمال القوة أو اي شكل للإكراه و القسر أو الاحتيال أو الخداع أو غيره اتجاه الأطفال الذين تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة وان الجريمة تتحقق بمجرد تحقق الاستغلال، في حين تميز المشرع المغربي في تعريفه للاتجار بالبشر عندما اعتبر من أشكال الاستغلال المطلوبة لقيام الجريمة اعتماد وسائل الاتصال و التواصل المعلوماتي وأدخل أيضا الاستغلال عن طريق التسول وأيضا الاتجار في الأعضاء البشرية او نزع الأنسجة البشرية و إجراء التجارب والأبحاث الطبية على الأحياء أو استغلال الأشخاص في النزاعات المسلحة .
والملاحظ أن المشرع المغربي اعتبر أن الاستغلال اللازم لقيام الركن المادي للجريمة و بالتالي لقيامها أصلا لا يتحقق إلا إذا انعدمت إرادة الضحية و حرم من حرية تغيير وضعيته وإهدار كرامته الإنسانية و هو بهذا أعطى مفهوما طبقا للاستغلال و فتح الباب أمام مرتكب الجريمة للتنصل من جريمته بادعاء أن الضحية لم تعدم إرادته و انه كان بإمكانه تغيير وضعه وان حريته لم تنعدم في الظروف التي كان فيها ، فينعدم بذلك الاستغلال وينعدم الركن المادي و بالتالي الجريمة ككل .
ولا شك أن المشرع المغربي تشدد في التعاطي مع الاتجار في البشر لخطورة الجريمة وتبعاتها سواء على الضحية أو على المجتمع ككل، ويبدو ذلك التشدد سواء من خلال التعريف الذي جاء موسعا او من خلال وصف الجريمة اذ اعتبرها جناية تتراوح عقوبتها بين خمس سنوات و السجن المؤبد ، حسب الحالات و حسب اقترانها بظرف تشديد او أكثر، وعاقب على محاولة ارتكاب جريمة الاتجار في البشر بنفس عقوبة ارتكابها و عاقب على عدم التبليغ من علم بارتكاب الجريمة بعقوبة تصل الى خمس سنوات وغرامة .
كما يلاحظ أن المشرع المغربي و في كل الحالات لم يكتف بعقوبة السجن بل أضاف إليها العقوبة المادية ( الغرامة ) و لم يمكن القاضي من الاختيار بينهما بل فرض عليه الحكم بهما معا، كما أن الغرامات التي جاء بها القانون مرتفعة و تصل إلى مبلغ 6000.000,00 درهم كما في حالة ارتكاب الجريمة بواسطة عصابة ، و تصل إلى مبلغ 10.000.000,00 درهم اذا ارتكبت الجريمة من طرف شخص اعتباري. من جهة أخرى و لتوسيع دائرة الردع العام و مناهضة الاتجار في البشر نص القانون الجنائي في المادة 14-448 على نشر الحكم القضائي الصادر بالإدانة أو تعليقه أو بثه عبر وسائل الاتصال السمعي البصري .
و حماية لضحية الاتجار في البشر ، نص القانون على انه لا يكون ضحية الاتجار بالبشر مسؤولا جنائيا أو مدينا عن أي فعل قام به تحت التهديد متى ارتبط بذلك الفعل مباشرة بكونه شخصيا ضحية الاتجار بالبشر إلا إذا ارتكب فعلا مجرما بمحض إرادته دون ان يتعرض لأي تهديد .
و حماية للفئات الهشة و التي هي عادة التي تكون ضحية هذه الجريمة ، و إضافة إلى تشديد العقوبة عندما يكون الضحية قاصرا كما سبق الذكر شدد العقوبة كذلك إذا ارتكبت الجريمة ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب المرض أو الاعاقة أو نقص بدني أو نفسي أو ضد امرأة حامل سواء كان حملها بينا او كان معروفا لدى الفاعل، كما لو ارتكبت من طرف زوج الضحية أو احد أصولها أو فروعها أو وصيا عليها أو كافلا لها أو مكلف برعايتها أو كانت له عليها سلطة، وفي كل هذه الحالات تصل العقوبة إلى ثلاثين سنة و تصل الغرامة إلى 2000.000,00 درهم
و من الناحية الإجرائية ولضمان فعالية الأبحاث و سرعتها ، نص المشرع في المادة 87.7 من قانون المسطرة الجنائية على امكانية التقاط المكالمات في جرائم الاتجار بالبشر كما مكن السلطات القضائية المختصة أن تأمر بمنع المشتبه فيهم أو المتهمين من الاتصال أو الاقتراب من ضحية جريمة الاتجار بالبشر ، و أيضا إمكانية الترخيص للضحية الأجنبي بالبقاء بالتراب الوطني إلى غاية انتهاء إجراءات المحاكمة .
و نظرا لخطورة هذه الجريمة و تشعبها ، و محاولة من المشرع لتطويقها و توسيع دائرة المشاركين في مناهضتها مؤسساتيا ، احدث القانون المغربي لجنة وطنية لدى رئيس الحكومة يعهد لها بمهمة تنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر و الوقاية منها و حدد لها مجموعة من الاختصاصات تتعلق بتقديم اقتراحات و إعداد تقارير و قواعد بيانات والقيام ببرامج التحسيس، لكن المشرع أوقف هذه اللجنة على إصدار نص تنظيمي يفصل في مهامها . و هو ما لم يتم إلى غاية اليوم.
هذه إذن أهم مقتضيات القانون المغربي المتعلق بمحاربة الاتجار بالبشر و هي كما لاحظنا جاءت متقدمة على كثير من القوانين المقارنة خاصة الحديثة مثل القانون الإماراتي أو البحريني أو الأردني أو السوداني ، و ذلك بالنظر إلى توسيع تعريف الاتجار بالبشر من طرف المشرع المغربي ، و تشديد العقوبات ، و حماية الفئات الهشة التي تكون عادة ضحية لهذه الجريمة . فضلا عن عمل الجانب المؤسساتي خاصة النص على إحداث اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر .
و لا شك أن أهمية هذا النص ارتبطت بالنقاش الذي صاحبه و كذا بمشاركة بعض المؤسسات الوطنية برأيها في وضعه، أهمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
إذ أن المجلس، و بناء على طلب إبداء الرأي الموجه إليه من قبل رئيس مجلس المستشارين أصدر يوم 18 يوليوز 2016 رأيا في مشروع القانون الذي كان يومها مطروحا على مجلس المستشارين لمناقشته، وفعلا يلاحظ في النص النهائي الذي صدر اثر توصيات المجلس. و هكذا فقد سجل المجلس انسجام التعريف الذي أعطاه المشرع المغربي للاتجار بالبشر مع التعريف المنصوص عليه في البروتوكول التكميلي لسنة 2000 ، وربط بين الموضوع وتوصياته المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة من أجل منع تزويج القاصرين أقل من 18 سنة و توصياته المتعلقة بالعمال المنزليين و ضرورة رفع الحد الأدنى لسن العمال المنزليين الى 18 سنة ، كما أوصى المجلس بتوسيع اختصاصات اللجنة الوطنية لتنسيق مكافحة الاتجار بالبشر التي نص عليها القانون الجديد و جعلها مكلفة بمهة التعاون مع الأمم المتحدة و أجهزتها المختصة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر .
و معلوم ان المجلس الوطني ينطلق في رأيه من مرجعية دولية حقوقية خاصة تلك التي صادق عليها المغرب و المتكونة من عدد من الاتفاقيات و البروتوكولات و خاصة :
1- الاتفاقية الخاصة بالرق لسنة 1926 ، و التي انضم اليها المغرب ووضع صكوك قبولها في 11 مايو 1959
2 – اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص و استغلال دعارة الغير لسنة 1949 ، و التي صادق عليها المغرب في 17 غشت 1973
3 – الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين لسنة 1951 ، و التي صادق غليها المغرب في 7 نونبر 1956.
4 – اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، و التي صادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993.
5 – اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979 و التي صادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993
6 – اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 ، و التي صادق عليها المغرب في 19 سبتمبر 2002 .
7 – البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال و استغلالهم في البغاء و في المواد الإباحية لسنة 2000 و الذي صادق عليه المغرب في 22 ماي 2002 .
8 – البروتوكول الاختياري للاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في المنازعات المسلحة سنة 2000 والذي صادق عليه المغرب في 22 ماي 2002.
ختــاما
لا بد من التذكير بأن التصدي لجريمة معقدة و خطيرة مثل الاتجار بالبشر لا يمكن أن يتم بمجرد وضع قوانين للتجريم و العقاب بالرغم من أهمية هذا الجانب ومحوريته ، لكن هناك أيضا جوانب أساسية لمناهضة هذا النوع من الجرائم، وأهمها على الإطلاق الجانب الوقائي الذي يمكن من خلاله العمل على تلافي وقوع الجريمة أصلا، و لن يتأتى ذلك ألا ببرامج توعوية وتحسيسية في المدرسة و الإعلام وتدخل اكبر قدر من الفاعلين ومن ضمنهم المجتمع المدني.

(*) محامي، ورئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان جهة بني ملال خنيفرة

You might also like

Leave A Reply

Your email address will not be published.

sex indian
sex filme
free porn asian newbie.