الناشط الحقوقي عبدالسلام بوطيب يكتب صباح الخير من بوينوس آيريس

محطة24عبدالسلام بوطيب رئيس مركز الذاكرة المشتركة

صباح الخير من بوينوس آيريس:
و أنت في عز أجواء المنتدى العالمي لحقوق الانسان بالارجنتين ، صعب عليك ان تميز بين ما اذا كنت في الايام الاخيرة لحملة انتخابية لفائدة كل يسار امريكا للاتينية الصاعد ، تحقيقًا للحلم الذي ضل يراود بعض السياسيين هنا : الدولة الواحدة، la nación unica ؛ أم أنك في منتدى عالمي لحقوق الانسان من مهامه الوقوف عند حاضر حقوق الانسان في العالم و التفكير في صيغ تحصين المكتسبات و رسم آفاق ذكية لتحقيق المزيد منها: لم اسمع منذ الافتتاح الى مساء أمس الا حشودا تصفق لوجوه سياسية من نفس التيار و العيار……بالرغم من ذلك استمتعت أمس بمداخلة، لا بل قل بمحاضرة الرئيس موخيكا التي كانت درسا في ايات صرف العمر ….و صيغ صرفه في البحث النبيل عن تحقيق الكرامة و المساواة لجميع الناس، استمتعت بمداخلة صديقي الرئيس السابق لحكومة الجارة الاسبانية الذي نجح مرة اخرى ، بلغة اسبانية شاعرية ، ان يدفعنا الى الحلم بعالم جميل نستطيع نحن بنى البشر تحقيقه! استمعت لكل مداخلات الكبار الذين يقال عنهم أنهم يساريون شعبويون ، قد تحبهم، أو تنظر الى أعينهم ببرودة، و تردد مع نفسك : هذا كلام عابر !! بالرغم من ذلك، اقتنعت اكثر من قبل ،بأننا ، نحن، في البلد ، محتاجون الى قيام حزب شعبوي عاقل …….و متنور، قارئ و مجدد…لا يشبه شعبوية من مروا عندنا……و لا ينتج الفعل الداخلي ، لان الفعل الداخلي صيرورة عاقلة، تتطلب كثيرا من الصبر و التبصر، بل من مهامه ان يكون هو نفسه…. لان الحقوقي لا يجيد الحديث امام جلال حضور السياسي الذي لا يتقن الا هدم ما بني قبله، و سب المستقبل باسم الجماهير…..لا سيما في لحظات انفعاله الانتخابي وهو يردد على مسامعه: لا ديمقراطية بدون حقوق الانسان، و لا حقوق الانسان بدون ديمقراطية….و يتمطط الكلام بعد ظهور النتائج ،ويحضر سؤال الخصوصية بكل خصوصياته، و لكل كثير منها، و ينسى الجميع أن حقوق الانسان يجب ان تكون قوانين مكتوبة بمداد الحب، وتحتكم الى عيون الاطفال،و الى بسمات الامهات و هن يحتضن أطفالهن، و الى ابتسامة ناج من فضاعة ما.
لا تخطؤوا فهم الفكرة ، و لا تعتبروها نقدا ذاتيا مني انا الذي تخليت عن احلام يساريينا، و لم احتفظ منها الا بطريقة النظر الى عيون الاطفال، و دموع الامهات و آهات المعذبون في الارض، و من قهرهم الزمن ، و من ما زال يعيش في قبضة البشاعة ، فقد سبق لمنظرين كبار ، و هم يبحثون عن صيغ النهوض بالقارة، ان دعوا قبل سنوات الى ضرورة قيام احزاب يسارية شعبوية في أمريكا الاتينية……..وهم هنا اليوم، و سيستمرون لسنوات إخرى ، قد تطول كثيرا.
أمام سطوة السياسي على الحقوقي، هنا و في أي مكان، و بما اننا نحن الحقوقيين نخجل، و تسكننا رهبة من السياسي، علينا خلق هذا الحزب في البلد لنشتغل بالهدوء الضروري الذي تحتاجه قيام دولة الحق!
بالرغم من هذا الكلام، لم اقطع الالالف الكيلومترات لاستمع الى خطابات سياسية، قطعتها لانني كنت أريد إن أستزيد فكرة …و ها أنا أزداد اقتناعا بأننا في البلد محتاجون الى قيام حزب شعبوي عاقل!!
عود على بدء: بوينوس إيريس مدينة جميلة. و تستحق ان تقطع من أجلها كل هذه الكيلومترات.

Comments (0)
Add Comment