اصدار جديد بعنوان الأصول السياسية والاجتماعية للعلاقات المغربية الإسبانية 1875 – 1912

محطة24

اصدار جديد بعنوان
الأصول السياسية والاجتماعية للعلاقات المغربية الإسبانية
1875 – 1912 للدكتوريوسف أكمير
دار النشر باب الحكمة 2023


صدر حديثا عن دار النشر “باب الحكمة” كتاب أنجزه الباحث المغربي يوسف أكمير بعنوان: “الأصول السياسية والاجتماعية للعلاقات المغربية الإسبانية 1875 – 1912”. الكتاب يتناول موضوع انعكاسات “القضية المغربية” على الحياة السياسية والاجتماعية الإسبانية خلال الفترة الأولى مما يعرف “بمرحلة عودة الملكية البربونية ” إلى الحكم بعد انقلاب الجنرال “مرتينيث كانبوس” Martínez Campos ضد الجمهورية الأولى.

أظهرت هذه الدراسة، استنادا إلى الوثائق الإسبانية الموجودة في أرشيف القصر الملكي بمدريد، والأرشيف العسكري الإسباني، وأرشيف البرلمان الإسباني و كذا الأرشيف العام للإدارة بمدينة Alcalà de Henares أن هناك خصوصيات ميزت العلاقات المغربية الإسبانية خلال المرحلة المدروسة يمكن أجمالها فيما يلي:

     ׃

1- تأسيس هذه المرحلة لتقليد -لا نجده في أي بلد استعماري آخر في علاقته مع مستعمراته- يستمر طيلة المرحلة الاستعمارية، ويتمثل في كون ما يقع في المغرب ينعكس مباشرة على السياسة الداخلية الإسبانية و على الرأي العام الإسباني. وهكذا كان لهزيمة الإسبان أمام مقاومة الشيخ ميمون في سيدي ورياش سنة 1893 علاقة بتأزم الوضع السياسي الداخلي بشكل خطير في إسبانيا آنذاك، كما كانت لهزيمتهم عام 1909 أمام قوات امحمد مزيان في معركة “خندق الذئب” (قرب مليلية) علاقة بما يعرف في الاستريوغرافيا الإسبانية بالأسبوع الدموي الذي عاشته برشلونة؛ والذي نجمت عنه مظاهرات سقط فيها العديد من القتلى، وحكم بالإعدام عقبها على عشرات من المتظاهرين. وكانت هذه الأحداث سببا في سقوط حكومة انطونيو ماورا(Antonio Maura)، وفي تصاعد وتيرة الإرهاب السياسي الذي كان وراءه الأناركيون، والذي استهدف رموز النظام.

2- كانت إسبانيا تعتبر عندما اعتلى العرش “الفونسو الثاني عشر” عام 1875 أن المغرب يشكل امتدادا طبيعيا لحدودها، وهذا ما لخصته جملة رئيس الحكومة”كانوفاس ديل كاستيو” Cánovas del Castillo الذي كان يقول “أن حدود إسبانيا الطبيعية توجد في جبال الأطلس”، وكذا ما روجت له الكنيسة التي كانت ترى أن استعمار المغرب ما هو إلا تنفيذ لوصية “إزابيل الكاثوليكية”، ومن هنا فالأطماع الإسبانية في المغرب كانت تتجاوز ما روجت له المنظومة الإمبريالية الأوروبية عقب مؤتمر برلين سنة 1884.

3- ارتباط “القضية المغربية” ارتباطا عضويا بما كان يقع في أمريكا اللاتينية والوسطى: فإسبانيا وعلى امتداد القرن التاسع عشر فقدت وبشكل تدريجي مستعمراتها في هذه القارة، وجاء فقدان كوبا (جوهرة التاج الإسباني في العالم الجديد) إثر هزيمة نكراء أمام الولايات المتحدة عام 1898 ليضع حدا لهذا الوجود الذي استمر ما يزيد عن أربعة قرون، والذي لم يكن من السهل نسيانه. ومن هنا بدأ التفكير في المغرب الذي اعتبر السبيل الوحيد لإحياء “الأمجاد الاستعمارية”.

4- ما عرف ب “القضية المغربية ” كان قطب الرحى في الحياة السياسية الإسبانية، بحيث استعملت هذه الورقة من طرف جميع التيارات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكان لكل موقفه وما يبرره، وهكذا فالحزب المحافظ الحاكم كان يرى أن اللعب بورقة المغرب و القرب الجعرافي منه قد يساعد على الحصول على اعتراف دولي بهذه الحقوق، وعلى الوقوف في وجه المشاريع الفرنسية البريطانية خاصة بعد توقيع المعاهدة السرية لعام 1904. والحزب الليبرالي الذي كان يحل محل الحزب المحافظ في السلطة في إطار تناول مفربك يقصي التنظيمات اليسارية استعمل ورقة “القضية المغربية ” للم صفوفه، ولتناسي الصراعات الداخلية التي كانت تمزقه. أما أقطاب اليسار (الحزب الاشتراكي أو الجهوي والأناكري) فإن استعمالهم “لورقة المغرب ” ورفضهم لفكرة التدخل فيه كان الدافع إليها إضعاف النظام الملكي وحزبي التناوب اللذين يدوران في فلكه.

5- أظهرت “القضية المغربية ” مفارقة طريفة، وهي أن الجيش في إسبانيا خلال هذه المرحلة لم تكن مهمته تقتصر على تنفيذ قرارات الساسة، بل تجاوزتها إلى اتخاذها لهذه القرارات أو على الأقل المشاركة في اتخاذها. وقد أظهرت القرارات الارتجالية التي اتخذها هذا الجيش مدى الفوضى التي تعم المؤسسة العسكرية ومدى حدة الصراعات الدائرة بين مجموعتين: تتبنى الأولى فكرة الترقي في السلالم العسكرية من خلال الأقدمية، وتتبنى الثانية فكرة الترقي من خلال الذهاب إلى المستعمرات، وهو ما جعل من استعمار المغرب الوسيلة الأكثر نجاعة للحصول على هذا الترقي، خاصة بعد فقدان مستعمرات العالم الجديد.

6- أظهرت “القضية المغربية ” أن الكنيسة الإسبانية كانت في حاجة لتلميع صورتها بعد الحرب التي شنتها عليها التيارات العلمانية، وخصوصا الأناركيين والذين اعتبروها أصل كل البلاء والتخلف الذي تعرفه إسبانيا. وهكذا اعتبرت أنه من حقها التدخل في المغرب. ومن هنا جاءت رغبتها الملحة في استعماره من طرف إسبانيا.

7- أظهرت القضية المغربية أن المجتمع الإسباني لم يتمكن من التخلص من عقدة “المورو”، و بسبب هذه العقدة جاءت مواقفه متناقضة، فهو يحبذ احتلاله لتفادي الخطر القادم من الجنوب، ولكن لا أحد من أفراد هذا المجتمع يريد أن يذهب أقاربه كجنود إلى هناك على اعتبار أن “الذاهب إليه مفقود”. وهكذا منعت الأمهات مثلا تقدم القطارات التي كانت تحمل الجنود الإسبان إلى المغرب عام 1909، وهو ما نجمت عنه الأحداث الدرامية سالفة الذكر، والتي عاشتها برشلونة طيلة أسبوع كامل.

8- دراسة وقائع مؤتمر الجزيرة الخضراء و السياقات العامة المحيطة به، وما تخلله من معارك سياسية بين المؤتمرين، والتدافع الدبلوماسي بين القوى الاستعمارية الأوروبية في سبيل الوصول إلى مصالحها في المغرب. وقد خص الكاتب حضور الوفد المغربي بتحليل عميق غاص في أدائه الدبلوماسي، وشخصياته المشاركة والأهداف التي دافعت عنها.

9- ختم الكاتب كتابه بمحور خاص بالصحراء المغربية في الأرشيف الإسباني مابين 1911 و 1912 حلل فيه منطلقات الأطماع الإسبانية فيها، والتنافس الاستعماري الأوروبي عليها، مبرزا استماتة الجانب الإسباني في الدفاع عن مصالحه الاستعمارية، خاصة في السواحل المقابلة للأرخبيل الكاناري والتي تعتبرها إسبانيا كمجال جيواسترايجيي و اقتصاديي حيويي بالنسبة لهذه الجزر.

Comments (0)
Add Comment