هذه تفاصيل ندوة “التعاون وقضايا الامن والتنمية في دول غرب افريقيا”

لشكر :  أن السياسات التنموية تمثل دعامة أساسية في جهود بناء السلام والأمن والاستقرار بافريقيا

امنويل: المغرب له جميع المقومات والمؤهلات كي يلعب دور قاطرة  التعاون في إفريقيا من أجل التنمية الحقيقية

الرباط: عبد الحق الريحاني

وسط اهتمام إعلامي،  وبحضور رئيس للجنة الإفريقية بالأممية الاشتراكية  ورؤساء  وقادة الأحزاب السياسية الاشتراكية الديمقراطية بدول غرب إفريقيا، فضلا عن السفراء  وأعضاء السلك الديبلومي الإفريقي ثم رئيسي الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب ومجلس المستشارين ثم مدير معهد الدراسات الإفريقية بالرباط والبرلمانيين، انطلقت يوم أمس الندوة الدولية الندوة الدولية  حول “التعاون وقضايا الأمن والتنمية في دول غرب إفريقيا”  بمقر مجلس النواب.

ما ميز افتتاح هذه الندوة الدولية التي نظمها الفريق الاشتراكي بمجلس النواب وسكرتارية العلاقات الخارجية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية  وحضرها  كذلك عدد من الفاعليين السياسين والخبراء والمهتمين، وقياديين بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الكلمة الافتتاحية التي ألقاها إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكلمة ايمنويل كولو رئيس للجنة الافريقية للاممية الاشتراكية والكاتب العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي للبنين.

اعتبر إدريس لشكر  أن هذا اللقاء يكتسي اليوم  صبغة خاصة وقيمة مضافة، رغم علاقاتنا الشخصية و أواصر الصداقة التي تجمع بين الأحزاب المشاركة من جهة وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية   “فنحن لا نلتقي اليوم بصفتنا ضيوفا لدى الآخرين، أو نجتمع كأعضاء في إطار منظمة دولية، إننا نلتقي هنا فيما بيننا  بمبادرة تلقائية ذاتية افريقية-افريقية”.

وابرز لشكر بنفس المناسبة  حول ضرورة الحوار ما بين الأحزاب السياسية الاشتراكية  الإفريقية ونخب إفريقيا، أنه “لا يعقل أيها الإخوة الأعزاء ألا نلتقي للتشاور والتفكير في أحوالنا ومصائرنا إلا بدعوة من لندن أو برلين أو باريس”،  مضيفا في هذا الصدد أنه  “قد آن الأوان لكي نلتقي ولكي نجدد اللقاء بدعوة من دكار، و باماكو، وبرايا، والرباط وأبيدجان ، وغيرها من الدول الإفريقية الشقيقة،  فلا شئ يمنعنا من اتخاذ المبادرة وربط الصلة وتنسيق الجهود وتبادل الرأي، كاشتراكيين أفارقة  أحرارا،  يتحملون مسؤولياتهم ويتمتعون بكامل سيادتهم”.

وبخصوص سياق هذه الندوة الدولية التي سير أشغال جلستها الافتتاحية محمد بنعبد القادر عضو لجنة العلاقات الخارجية للحزب،  قال لشكر “تنعقد ندوتنا اليوم ونحن في المغرب لا زلنا نعيش على إيقاع الاحتفال بعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، وإنها لمناسبة سانحة لكي نجدد كمغاربة اعتزازنا القوي بانتمائنا الإفريقي، ولكي نعلن انخراطنا التام  كاشتراكيين مغاربة،في تفعيل الدلالات  العميقة لهذه العودة،  و لكي نتوجه أيضا ومن خلالكم بالشكر والامتنان الى جميع  الدول الإفريقية التي ساندت هذه العودة الطبيعية، بكيفية تلقائية وغير مشروطة”.

واضح الكاتب الأول للحزب أن  إفريقيا الغربية موضوع الندوة  هذه، ليست مجرد إقليم على الخريطة الإفريقية، إنها  تشكل مساحة جغرافية هائلة، تحتضن تجمعا بشريا ضخما، ومجالا حضاريا عريقا، يضم شعوبا وثقافات مختلفة، وديناميات سياسية متنوعة. ولهذه المنطقة كذلك خصوصيات سكانية ومجالية، تجعلها في قلب الرهانات الإستراتيجية الكبرى لمجموع القارة الإفريقية.

 

وذكر لشكر في هذا الإطار على أن في العقود الأخيرة، تحركت هذه المنطقة بعزيمة ثابتة لتقطع خطوات كبيرة في مجال ترسيخ الديمقراطية، والنمو الاقتصادي، والتعاون الإقليمي، ولعل ما يدعو إلى الاعتزاز هي أن هذه المنطقة تضم بعض أكثر البلدان استقرارا في أفريقيا، وتزخر بأفضل التجارب في بناء القدرات ومواجهة التحديات.

الى هذا،  لفت لشكر الانتباه إلى أن  بعض معوقات التنمية  والاستقرار بالقارة الإفريقية  “مستقبل التقدم الشامل في هذه المنطقة كما في غيرها من المناطق، يمكن أن يتبدد في أي لحظة ، ما لم تنهض سياسات التنمية بدور قوي في تعزيز الاستقرار، وفي الحد من الصراع الدموي والعنف السياسي والتعصب العرقي”.

 

وأضاف في هذا السياق على أن السياسات التنموية تمثل دعامة أساسية في جهود بناء السلام والأمن والاستقرار، لأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تلعب دورا أساسيا  في الحد من التوترات المتصلة بالمظالم، سواء ما يتعلق منها بالإقصاء أو عدم التكافؤ في الحصول على الموارد، كما أن التركيز على تدعيم الاستقرار من شأنه أن يساعد على انحسار مظاهر الصراع والاقتتال .

وعبر لشكر عن اعتزاز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالتقدم الذي حققته شعوب المنطقة بقيادة قواها الاشتراكية والديمقراطية من أجل تحقيق التحول نحو الديمقراطية ، ذلك التحول السلمي الذي بدأ في تسعينيات القرن الماضي من خلال نقل السلطة عبر الانتخابات وليس عبر الانقلابات العسكرية، مؤكدا بهذا الخصوص على أن هذا التحول السلمي نحو الديمقراطية ساهم إلى حد بعيد في إرساء دعائم الاستقرار السياسي بعدد من أقطار هذه المنطقة، وفي ترشيد سياساتها التنموية بما يجعلها بلدانا آمنة تنعم بالسلم وتطمح إلى التقدم.

 

وأشار لشكر أنه “إذا كانت   بلدان غرب إفريقيا أحرزت تقدما ملحوظا في مجال تحولها الديمقراطي، وفي مجال إنعاش اقتصاداتها وتحديث مؤسساتها، فنحن على يقين أن شعوبها وقواها الحية تعتبر أنها لازالت لم تحقق أحلامها بعد، وأنها بالتالي مدعوة إلى الارتقاء بعلاقات التعاون جنوب جنوب  لمواجهة التحديات المشتركة، وكسب رهانات التنمية المستدامة بما يحقق تطلعات شعوبها الى التقدم والازدهار”.

 

وحذر لشكر أن  أخطر ما ينسف جهود التنمية ومسارات الديمقراطية، هو خطر تفكيك الدولة وإضعافها، وخطر تمزيق النسيج المجتمعي المتماسك، وتفتيته إلى مليشيات مسلحة وجماعات متناحرة،  بحيث يتعذر تحقيق الأهداف الإنمائية في ظل تفاقم مخاطر الإرهاب والانفصال والحروب الأهلية، مضيفا في هذا الباب أنه،    لا يمكن إذن تحقيق التنمية المنشودة في ظل مخاطر أمنية  تزعزع الاستقرار ، وكذلك لا أمل في الأمن والسلام بدون تنمية  مستدامة.

وشدد الكاتب الاول للحزب على أن هذه هي الإشكالية التي تسائل اليوم “قياداتنا اشتراكية وتقدمية  ، والتي دعوناكم اليوم إلى مناقشتها في هذه الندوة انطلاقا من قيمنا المرجعية ومبادئنا المشتركة، وذلك بغاية  استشراف  أفق للتعاون التضامني بيننا ، تعاون من أجل السلم والتنمية والكرامة الإنسانية، التي تشكل حجر الزاوية في هويتنا كاشتراكيين ديمقراطيين أفارقة”.

وختم لشكر كلمته بالنتائج المرجوة من هذه الندوة والاهداف التي يريد منظموها الوصول اليها، ” اننا نتوق في هذه الندوة للاستماع إلى تحليلاتكم لأوضاع المنطقة من حيت رهاناتها الأمنية والتنموية، وننتظر الاستفادة من اقتراحاتكم بخصوص آفاق التعاون جنوب جنوب بين المغرب وبلدان إفريقيا الغربية، آملين أن تفرز عروضكم ومناقشاتكم عناصر أولية لرؤية اشتراكية ديمقراطية من أجل تحقيق التنمية وبناء الشراكات  ، رؤية تحفز أحزابنا على الارتقاء بتعاونها المشترك في مجال تبادل الخبرات   وتعزيز القدرات لما فيه مصلحة بلداننا وخير شعوبنا”

 

ومن جانبه ألقى ايمنويل كولو رئيس اللجنة الإفريقية بالأممية الاشتراكية كلمة بالمناسبة، عبر فيها عن شكره  للدعوة لهذه الندوة الدولية حول “التعاون وقضايا الأمن والتنمية في دول غرب إفريقيا”، كما نوه بمستوى العلاقات القوية والمتينة التي تجمع ما بين حزب الاتحاد الاشتراكي والأحزاب الإفريقية، ثم مستوى القيمة المضافة والمجهودات التي يبدلها الاتحاد الاشتراكي في اجتماعات الأممية الاشتراكية من أجل الوصول إلى نتائج سياسية مهمة وايجابية.

وأشاد امنويل كولو بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها جلالة الملك كي يحتل المغرب المكانة اللائقة في القارة الافريقية والعالم ككل، كما عبر عن سروره لعودة المغرب للاتحاد الافريقي كي يضطلع المغرب بدوره الريادي في خدمة قضايا التنمية والأمن والاستقرار بافريقيا، مذكر في هذا السياق على أن المغرب من بين الأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية وذلك في عهد المغفور له الملك محمد الخامس عبر ما كان يسمى لمجموعة الدار البيضاء.

وأشار امنويل بنفس المناسبة إلى أن الندوة تنعقد في سياق إن القارة الإفريقية  تعتبر 12 في المائة من الساكنة العالمية، وتشكل 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام العالمي، تساهم ب 2 في المائة في التجارة العالمية وتجلب 3 في المائة من الاستثمارات العالمية…

وشدد امنويل على أن المغرب له جميع المقومات والمؤهلات لكي يلعب دور قاطرة التعاون في افريقيا ويطور تعاون جنوب جنوب واقرار التنمية الحقيقية في القارة الافريقية عبر العديد من الشراكات المفيدة لكل البلدان الافريقية.

واستمرت أشغال الندوة في جلسة صباحية وجلسة مسائية بعدد من المتدخلين من الاحزاب الاشتراكير الديمقراطية المنتمية لدول غرب افريقيا السنغال، مالي، البنين، ساحل العاجج، وبوركينا فاصو، والطوغو، بالاضافة إلى عدد من الخبراء والاقتصاديين.

 

Comments (0)
Add Comment