تقويم علمي وسياسي لأداء رئاسة مجلس النواب في السنة التشريعية الأولى

 

الحصيلة التشريعية 2/3

د.سعيد جعفر: باحث في التواصل السياسي وتحليل الخطاب

 

في كلمته بمناسبة اختتام الدورة الربيعية لمجلس النواب حرص السيد حبيب المالكي رئيس المجلس على تقديم الحصيلة التشريعية وتقديم العناصر الكبرى لدفتر التحملات للسنة التشريعية الثانية.

 

في مستهل الكلمة انطلق المالكي من أن المجلس انسجاما مع مضامين خطاب العرش ومضامين دستور 2011 مطالبة بممارسة أقصى أشكال التقويم والمحاسبة..وهو الاطار الذي نظم وسينظم عمل المجلس في السنوات القادمة.

 

جعل المالكي اذن من هذا الاطار فلسفة في العمل والاصلاح وهذا ما يعكسه قرار تعديل ومراجعة النظام الداخلي لمجلس النواب في اخر اللحظات من عمر الدورة الربيعية.

إن مراجعة وتبني هذا التعديل لأهم اطار قانوني منظم لعمل مجلس النواب يكشف عن معطيات مهمة تتعلق ب:

– الارادة وروح المسؤولية المشتركة لكل الفرق السياسية ومن خلفها الأحزاب السياسية في تجاوز مظاهر النقص المرتبطة بالحضور والمداومة والمردودية.

– قدرة رئيس مجلس النواب على اقناع رؤساء الفرق من خلال الاجتماعات المتكررة لندوة الرؤساء بضرورة تجويد العمل النيابي عبر ادخال نفس اصلاحي على النظام الداخلي للمجلس.

 

– ظهور ملامح فلسفة فعالة في الاصلاح تستفيد من التراكمات السابقة لرؤساء المجلس وتفتح آفاقا جديدة بروح تجديدية .

 

وهكذا فقد بلغ عدد المواد المعدلة كليا او الجديدة 110 مادة وتلك المعدلة جزئيا 172 مادة..وانتقل عدد المواد من 249 مادة الى 369 مادة.

وقد مست التعديلات جوانب مختلفة في النشاط النيابي تهم مدونة السلوك وعمل المجموعات المتخصصة والتنظيم وهيكلة المجلس والتوقيت والالتزامات الدولية للمملكة.

وهكذا تم تضمين النظام الداخلي المعدل اجراءات زجرية من قبيل معاقبة التحدث في الهاتف وتجريم الانشغال بقراءة الصحف في الجلسات العامة واللجان..ومعاقبة المتغيبين بتنبيههم أولا ثم الاقتطاع من أجورهم وأخيرا تلاوة أسماء المتغيبين ونشرها في الجريدة الرسمية وفي الموقع الالكتروني للمجلس.
وهمت التعديلات كذلك تغيير توقيت الجلسات من الثلاثاء الى الاثنين وترديد النشيد الوطني في افتتاح الدورة الربيعية.

وكذلك تنظيم العلاقة بين مجلسي البرلمان تجنبا لازدواجية العمل وهدر الزمن البرلماني…وكذا تضمين النظام إسناد رئاسة لجنة مراقبة المالية العامة بالأسبقية للمعارضة..وانتخاب مكتب المجلس ورؤساء اللجان بشكل علني عوض السرية وذلك لتحرير الفرق من هيمنة المكاتب السياسية.

 

وهمت التعديلات إحداث مجموعات عمل متخصصة في المجال الافريقي وأخرى متخصصة في القضية الفلسطينية وأخرى في الوحدة الترابية للملكة المغربية ومجموعة العمل المتخصصة في علاقات المغرب بمختلف القارات وأخرى تتعلق بالقانون الدولي الانساني.

 

ان قراءة مبسطة في هذه التعديلات يكشف عن نية حقيقية في الدخول للسنة التشريعية الثانية بنفس جديد وبمعطيات ومؤهلات جديدة.

 

 

ان تبني مدونة صارمة للسلوك سيساعد على تعزيز صورة المجلس لدى الرأي العام وسيعزز من مردودية أعضائه كما سيعزز طابع وطنيته.

وبدون شك فإحداث مجموعات العمل سيساعد في تجويد العمل النيابي بتوفير ما يكفي من المعطيات والدراسات والأبحاث حول هذه القضايا مجتمعة..
إن هذه الخطوات مجتمعة تعكس نظرة اصلاحية شمولية تستجيب للتوجيهات الملكية بمناسبة رسالة التهنئة لانتخاب السيد حبيب المالكي رئيسا للمجلس.

 

وكحصيلة عامة فإن المجلس صادق على 49 مشروع قانون ومشروع قانون تنظيمي واحد يتعلق بتحديد شروط واجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين.

 

كما ناقش وصادق على قانون المالية 2017 حيث قبلت الحكومة حوالي 40% من تعديلات المجلس بحوالي 154 تعديلا.

 

رقميا اذن صادق مجلس النواب على حوالي 71% من مشاريع النصوص المحالة عليه بمعدل 71 مشروعا همت مجالات الحقوق والقطاعات والأنشطة والخدمات همت القضاء واستقلاليته وحقوق الانسان وتكريس المناصفة ومكافحة التمييز وإحاطة حق الملكية بمزيد من الضمانات القانونية ووضع الاطار القانوني لتطوير الاقتصاد الرقمي وتكريس الدور الدستوري للجمعيات والمجتمع المدني والشباب والطفولة وتشجيع التصدير.

 

وفي باب الاتفاقيات صادق المجلس على 17 اتفاقية تهم انضمام المملكة للاتحاد الافريقي والعلاقات مع مؤسساته ولا سيما المفوضية و مجلس الأمن ورئاسة المجلس ..وكذا الاتفاقيات الثنائية مع عدد من الدول الافريقية أو تلك المتعددة الأطراف.

في باب مراقبة العمل الحكومي:

سجل المجلس 5357 سؤالا منها 3426 سؤالا شفويا و1931 كتابيا..وتم عقد 34 جلسة همت جلسات التشريع وجلسات مراقبة العمل الحكومي وجلسات الاستماع الي تقارير المؤسسات الدستورية وذلك بمعدل 74 ساعة عمل للجلسات و 420 ساعة عمل للجان النيابية غطت 149 اجتماعا بمعدل حضور نيابي في حدود 70% مع تسجيل استمرار مجموعة العمل المكلفة بتقييم السياسات العمومية حول موضوع الطرق بالمناطق الجبلية في أشغالها.

 

وفي موضوع الأنشطة التحسيسة والتوعوية فقد نظم المجلس ثلاث أيام دراسة همت التواصل وتجويد العمل النيابي والمهن الفنية وترسيم الأمازيغية.

 

وفي دفتر تحملات رئاسة المجلس للسنة التشريعية الثانية دعا المالكي الى ضرورة جعل البرلمان برلمانا للقرب والتفاعل الايجابي مع انتظارات المجتمع تشريعا و مراقبة وتمثيلا للمواطن وعملا في الواجهة الخارجية.

 

ولهذا الغرض تم الشروع في إعمال مقتضيات الفصلين 14 و15 من الدستور المتعلقين بتلقي الملتمسات من أجل التشريع والعرائض وذلك من خلال إدراج مقتضيات تتعلق بإعمال هاذين الفصلين في النظام الداخلي لمجلس النواب بما يتلاءم والقانونين المتعلقين بشروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات من أجل التشريع والعرائض.

 

وفي هذا الصدد تم احداث قاعدة معلوماتية لتلقي ومعالجة العرائض والملتمسات وذلك في اطار أحد برامج التعاون الدولي حسب الكلمة الختامية لرئيس المجلس بمناسبة نهاية الدورة الربيعية.

 

 

وكخلاصة فقياسا على عمر السنة التشريعية والتي عرفت تأخرا نتيجة التأخر في تشكيل الحكومة والتجاذبات التي عاشتها, فإن حصيلة المجلس ايجابية قياسا على الظروف التي أنتج فيها..لكن وقياسا الى العمل الضخم في الديبلوماسية النيابية والعمل الذي مس الادارة ونوعية القرارات فان المجلس أمام عمل كبير ونوعي سيتجسد بشكل كبير في السنة الثانية من عمر الولاية.

 

 

غير أنه بدون إرادة وطنية لكل الأطراف من فرق نيابية وإدارة فعالة فإن وتيرة الانجاز لن تتحقق بنفس الايقاع والسرعة.

 

Comments (0)
Add Comment