اليسار يضع يده على الجرح الغائر

عبد الحق الريحاني

اجمعت قيادات أحزاب اليسار المغربي في ندوة وطنية  نظمتها مؤسسة المشروع للتفكير والتكوين مؤخرا، على ان اليسار  يعيش حالة من الوهن والضعف والاضمحلال، وفي جرأة كبيرة ونقد ذاتي شخصت مداخلات هذه القيادات كل الاعطاب التي حالت دون تجاوز وضع التشتت والتشردم  والانقسام  داخل اليسار الذي شكل في التاريخ القريب بالمغرب مصدرا للقوة في التأطير والتعبئة وقيادة النضالات من أجل الحرية والكرامة واقرار الديمقراطية والمساواة.

لقد شكلت هذه الندوة الوطنية التي ساهمت فيها قيادات أحزاب اليسار، وفعاليات أكاديمية ومجتمعية، وقفة تأمل عميقة في وضع اليسار المغربي في سياق يختلف عن السياقات السابقة، بعد الوقوف على المراحل السياسية التي طبعت الحياة السياسية بارتباط مع أحزاب اليسار، هذه المراحل السياسية التي تميزت  بمواقف مهيكلة لليسار المغربي وساهمت في منعطفات تاريخية لما هو عليه اليوم، هذه المواقف التي تأرجحت ما بين  المقاطعة، او المشاركة، او الانتضارية كما حددها الدكتور عبد الله ساعف.

وأكد الاكاديمي ساعف خلال الندوة،  حقيقية تاريخية لا يمكن لجاحد أن ينكرها، حقيقة اتبتثها الممارسة السياسية، و تتعلق بوضعية اليسار، حيث شكل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محورا مركزيا لاحزاب اليسار المغربي، وكلما ابتعدت هذه الاخيرة عن الاتحاد الا ويزداد اليسار ضعفا.

كما أتبتث الحياة السياسة المغربية على ان اليسار المغربي شكل ويشكل عنصر اساسي في مسار الحياة السياسية المغربية، وعنصر توازن فاعل وفعال، منتج للافكار ، ومبادر في اللحظات المناسبة، ويزخر بالطاقات والاطر والنخب المتمرسة والتي بامكانها ان تتحمل مسؤولياتها الوطنية على الوجه الكامل وفي احترام تام للمواطنة الحقة.

حقيقة أخرى أكدتها هذه الندوة  في اطار النقد الذاتي والتشخيص لليسار، هو تراجعه للخلف بالاضافة للعوامل الذاتية والموضوعية فهناك عامل حاسم واساسي يتمثل في اهماله لتجديد افكاره ونظرياته والتهاون في الاهتمام بالفكر الايديولوجي والتجديد فيه حتى يتمكن من تملك المبادرة والسير قدما على الطريق السليم في احترام تام لقيمه ومبادئه، اذ انخرطت  جهات في ظل الفراغ الحاصل على السطو عليها وتبنيها ولو  سطحيا وتلويك المصطلحات التي تدخل في قاموس اليسار وحشوها في خطاباتها السياسية.

والحقيقة البديهية والمنشودة والتي جاءت في كل تدخلات المشاركين في هذه الندوة، هي التأكيد على  العمل المشترك لأحزاب اليسار انطلاقا ، سواء من التنسيق، او التحالف، او الجبهة،  او الاندماج أو القطب  او الوحدة، من أجل تجاوز وضع الضعف والوهن والتشتت والانقسام، وكل ذلك بالاتفاق على برنامج عمل يساري مشترك.

 

Comments (0)
Add Comment