مراسلة بوسعيد الظاهر والباطن

عبد الحق الريحاني

يبدو أن الرسالة الجوابية لمحمد بوسعيد وزير المالية والاقتصاد حول رسالة فريقي الاصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي بمجلس المستشارين، والمتعلقة بقضية توظيف “اساتذة الغد”، قد زلزلت أركان هذه الحكومة واظهرت بالملموس على أن كل حديث عن الانسجام الحكومي من قبل رئيس الحكومة مجرد كلام للتسويق السياسي لا غير.

فعوض أن يتم الاهتمام بجوهر الرسالة وما جاءت به، نجد رئيس الحكومة وأعضاء حزبه ومن يدورون في فلكهم، اهتموا كما يقال بالدارجة العامية “بالقشور”،  فعمل هؤلاء على الهروب الى الامام بإثارة نقاش هامشي  من أجل تمويه الرأي العام الوطني عن الحل لقضية “اساتذة الغد”  التي استمرت أكثر من خمسة اشهر، هذا الحل  الذي جاء واضحا في رسالة وزير المالية.

فسارع هؤلاء على اظهار ان الأمر مجرد “مناورة” أخرى حيكت ضد نجاح الحكومة، وشرعوا  في التساؤل عن مدى دستورية و مشروعية مراسلة فريقين من الغرفة الثانية مباشرة لوزير المالية والاقتصاد، وكيف لهذا الوزير أن يرد برسالة دون أن يتولى رئيس الحكومة الرد بنفسه، مع اعطائهم بالظهر للحل الواقعي لهذا الاحتقان الاجتماعي.

فالنقاش الهامشي الذي أثاره  هؤلاء المدافعون عن الحكومة ورئيسها، يظهر بالواضح على أن الامر في التعاطي مع حل “أزمة أساتذة الغد”، يشوبه بالفعل تعنت حقيقي وتعصب للرأي ولا قيمة للحوار أو التفاوض كوسيلة للوصول لنتيجة ايجابية، وما تلك الحوارات السابقة سوى أسلوب سياسوي من أجل فرض التحكم الحقيقي وتمرير مرسومي الحكومة بالرغم من الاحتجاجات والمسيرات والقمع الذي تعرضوا له.

ومواجهة وزير المالية والاقتصاد ببلاغ من قبل رئيس الحكومة،  ثم دراسة الموضوع داخل الامانة العامة للحزب الذي يقود الحكومة واعتبار  مراسلة بوسعيد  غير دستورية، ثم هجوم قياديين من نفس الحزب على هذا الوزير وهرولة البعض للدفاع عن رئيس الحكومة وحزبه في هذه القضية ماهي الا دلائل قاطعو على أن هذه المراسلة كانت واضحة وكشفت المستور من جديد  في العقلية التي تقود الحكومة.

فما اهتم به   هؤلاء الذين هاجموا وزير المالية والاقتصاد، سوى  الجانب السياسي الذي حمله الحواب الواضح والصريح لمراسلة وزير المالية، لانه بطبيعة الحال هو الذي يشكل لهم حرج ويطرح عدة اسئلة على الحكومة ورئيسها، اذا كان ليس هناك مانع في التوظيف دفعة واحدة والامر لا يتطلب سوى قرار أو مرسوم من رئيس الحكومة كما جاء في المراسلة، فلماذا تصرفت الحكومة لمدة أزيد من خمسة شهور مع هذه الازمة بكل هذا التعنت والقمع.

لكن ما تغافله هؤلاء سواء الحكومة وما يدور في فلكها هو الجانب التقني في المراسلة، اذ من الطبيعي أن الجواب قد تم تحضيره من قبل المديرية المعنية بوزارة المالية والاقتصاد والذي تمت فيه مراعاة الجانب الاداري والقانوني اذ اشترطت توظيف 10 ألف استاذ دفعة واحدة  باصدار قرار او مرسوم من قبل رئيس الحكومة.

فما ذنب فريقين بالبرلمان ينتمبان لحزبين من المعارضة قام بدورهما النيابي، وما ذنب حزبي الاتحاد الاشتراكي و الاصالة والمعاصرة اللذان يحاولان لايجاد حل لازمة “اساتدة الغد” عبر مقترح قانون فهؤلاء لم يقوموا سوى بأدوارهم السياسية والدستورية وفي اطار القانون والاعراف، فلماذا لازال رئيس الحكومة مصرا على الاختباء وراء  اسلوب المناورة من أجل حجب الحقائق التي اصبحت مكشوفة.

 

 

Comments (0)
Add Comment