“زمن التناوب الثالث”…جرأة سياسية وفكرية

كمال الهشومي

تعبر المبادرة التي اقدم عليها الاستاذ ادريس لشكر مبادرة جديرة بالاهتمام، حينما فاجأ الجميع باصدار كتاب امتزج فيه البعد الشخصي والذاتي لصاحبه، مع سرد مجموعة من الاحداث السياسية التي عاشها أثرت في مسيرته السياسية أو أثر هو في مسارها، وابراز مختلف السياقات التي واكبت ذلك.

لقد عمل الكتاب على توضيح مجموعة من الامور التي اشيعت حول شخصية ادريس لشكر وطبيعة تصرفاته وعلائقه في هذا المجال، وهو الذي عانا كثيرا وعانا معه الاتحاديات والاتحاديون من الصاق مجموعة من الكليشيهات والصور النمطية لشخصه من طرف وسائل الاعلام، (وعلى اي الاتحاد عبر تاريخه عانا وسيعاني من ذلك)، لكن كونه اختار الرد الكاشف عبر بوابة الفكر والاجتهاد بعيدا عن حرب البلاغات والبيانات، وارخ لذلك ليظل كلامه موثقا ومن جيل الى جيل، هو تحدي رفعه ذ.ادريس لشكر امام الجميع منبها الى قدرته على الكتابة والتأليف رغم مسؤولياته المتعددة وفي وقت ليس بالعادي سواء على المستوى النفسي او الموضوعي، فالبينة على من ادعى، والبينة هنا كتاب ومؤلف جديد لمن اراد ان يبين عكس ما ذهب اليه لشكر، في اطار احترام قدسية الاختلاف.

نعم قد نختلف مع رؤية ادريس لشكر في تقييم المرحلة وفي التسمية التي اطلقا على “التناوب الثالث” وهل هناك اصلا تناوبات سابقة، الى غيرها من الامور التي طرحها الكتاب بجرأة وشجاعة فكرية، لكن اظن اننا لن نختلف في قيمة المبادرة التي تعرفها فقط من نصفهم بالدول الديمقراطية، لذلك على سياسيينا وعلى الباحثين ان يقبلوا التحدي ويسعوا الى تدوين افكارهم وتحليلها، وان يبسطوا توجهاتهم وارائهم، لانه في الاخير الرابح الاكبر هو ايقاظ الوعي المتحضر والمدني لنا جميعا والارتقاء بالممارسة السياسية، بعيدا عن اللغط والشفوي الاسهل والابسط. وعلى الاعلام ان ينصف المبادرة وصاحبها لانه بذلك سيكون نحى نحو الموضوعية ونحو تشجيع البحث العلمي لتطوير الفكر السياسي المعاصر، والذي نجد صعوبة كبيرة في جعله راهنيا ومصدرا للبحث نتيجة ضعف او شح الدراسات في هذا المجال.