أمل شباش .. الحب يوصل في بعض الأحيان إلى الجنون وارتكاب الجرائم

محطة24

الاختصاصية النفسية عزت غالبية المشاكل إلى النظرة المثالية المكونة عن الحب

في الوقت الذي نبهت فيه اختصاصية العلاج النفسي والجنسي، أمل شباش، إلى صعوبة تحديد تعريف أو مفهوم للحب، أكدت أنه يمر عبر ثلاث مراحل قبل أن يصل إلى محطة النضج، التي أكدت أنها المرحلة
التي تعني الحب الحقيقي وتعكس مقومات التوازن في جميع أبعادها.  في المقابل،
حذرت شباش من الانحرافات التي تنجم عن فهم خاطئ للحب، وتؤدي بصاحبها
إلى ارتكاب جرائم، أو السقوط في اضطرابات نفسية.
تفاصيل أكثر في الحوار التالي :

كيف يمكن تعريف الحب؟
الحب ليس أمرا يسهل شرحه، بل كل منا يضع له تعريفا يختلف عن تعريف الآخر، فالعلماء ربطوه بتحفيز هرمونات وارتفاع معدل نشاطها، والفلاسفة اعتبروه نوعا من العلاقة بين الذات والحياة، فيما الروحانيون يرون أن الحب هو تلك العلاقة التي تربط الشخص بربه، من هنا جاءت التعاريف المختلفة للحب، كل حسب تجربته ومستواه الفكري ومعتقداته.

من جهة أخرى، هناك تناقض يفرض نفسه، يكمن في أن كل إنسان، منذ ميلاده إلى وفاته بحاجة إلى الحب، لكن لا أحد قادر على تعريف هذا الشعور، أو تحديد كيف يمكنه أن يحب الآخر وأن يحب هو أيضا، لأن هذا هو التحدي الحقيقي في الحب، باعتبار الأخير يتجاوز العقل والمنطق، وهو ما يفسر بالتالي صعوبة شرحه، لأنه مجموعة من مشاعر وأحاسيس تدخل في نطاق المركب والمعقد.

كيف يحب المغاربة؟  

المشكل الكبير داخل مجتمعنا في ما يتعلق بالحب، هو النظرة المثالية التي ترسخت عن هذا النوع من المشاعر، مصدرها القصص التي تربينا عليها منذ الطفولة، حول الأميرة والأمير الوسيم، والأفكار التي ينقلها الآباء، سيما لبناتهم، حول فارس الأحلام، الذي يحقق كل المتمنيات، فيرتفع حجم الانتظار لمثل هذه المشاعر المثالية.كما أن الأفلام المغرقة في الرومانسية الخيالية، التي تجعل أفراد المجتمع المغربي غير قادرين على التمييز بأنها مجرد أفلام ترتكز على قصة وسيناريو ولا علاقة لها بالواقع، لأن الأمر يخص ممثلين يؤدون أدوارا لقنت لهم ولا يزيحون عما كتب لهم وهم يؤدونها.

كيف تكون نفسية المحب والعاشق؟

نفسية المحب أو الشخص الذي يعتقد أنه يحب أو في حالة حب تختلف حسب مراحل، تمثل المراحل الثلاث التي تمر منها أي علاقة حب، فالمرحلة الأولى يمكن إطلاق عليها “العلاقة الانصهارية”، دون الخوض في تفسيراتها العلمية، يكون خلالها طرفا العلاقة في انسجام تام وكل منهما يعتبر نفسه منصهرا في الآخر ويرى نفسه فيه ويعتبره كاملا ومثاليا، هذه المرحلة قد تدوم لسنتين على الأكثر، وهي مبنية بالأساس إما على نقص عاناه الفرد خلال فترة الطفولة من مشاعر، أو يذكره بفرط المشاعر التي تلقاها من أحد والديه.

فيما الفترة الثانية، فهي للأسف أو لحسن الحظ، مرحلة صراع “الأنا”، فمع تواري الانصهارية السابقة، يدخل الزوج في علاقة صدام وفرض قوة، هذا لا يعني أن الحب غير موجود، بل هو موجود لكن في ظل ثنائية من الصدام واحتلال موقع القوة والتعبير عن احتياجات لم يكن يشعر بها كلا الطرفين خلال المرحلة الأولى. وإذا تمكن الزوج من تجاوز هذه المرحلة، فهو يدخل مرحلة ثالثة عنوانها الوعي بأن ذلك الآخر هو غير مثالي، ومع ذلك أحبه، لا يمكن بلوغها إلا بعد تواصل وبناء علاقة احترام وثقة، وهي التي تعكس الحب الحقيقي.  فإذا أردنا معرفة معنى الحب الحقيقي، فهو عندما نجد شخصا يقبلنا ويحبنا لما نحن عليه دون أن يحاول تغييرنا، وليس عندما يعمل جاهدا من أجل تغيير أمور لا يحبها فينا، أو يخوض في محاولة التملك الذي يتناقض تماما مع الحب، أو يسعى إلى ملء فراغ، الذي هو مسؤوليتنا نحن، نصبح واعين بها ولا نلوم الآخر إذا لم يلبها.

لماذا قد يوصل الحب في بعض الأحيان إلى الجنون وارتكاب الجرائم ويجعل صاحبه يدخل أحيانا في اضطرابات نفسية؟

كما قلت سلفا، نفسية الشخص تؤثر بالتأكيد على واقعه، فإذا كان الشخص توقف عند المرحلة الانصهارية، فهذا الحب يمكن أن يتحول إلى حالة مرضية، لأن بعلاقة بسيطة: 1+1 يساوي 1، من هو هذا 1 (النتيجة)؟ هل هو الشخص المحب أو من يحب؟ وهو في كلتا الحالتين ينم عن عدم احترام شخصية الآخر والسقوط في حب التملك، الذي هو حب مرضي، معه يتصور أحد الطرفين أن لا قدرة له على الحياة دون الطرف الآخر، وهذا ما يجعله لا يتوانى في ارتكاب كل أنواع الجرائم.

تجدر الإشارة أيضا إلــى وجــود بعــض الأمــراض والاضطرابــات النفسيـــة، تنضـاف إلــــى العلاقــات غير المتوازنة فـــي مرحلـة الطفولــة، تجعــل بعض الأشخاص متوقفين في المرحلة الأولى من مراحل الحب السالف ذكــرها، مثل حالات الاكتئاب المزمن والحساسية المفرطة التي يعانيها العديدون دون أن يكونوا واعين بها.