الحياة البرية.. من أجل حمايتها، يتعين التعرف عليها

محطة24 – حكيم النادي

من المغاربة يعلمون أن أصنافا نادرة وفريدة من نوعها من قبيل حيوان القط الأنمر (البج) أو الكاراكال أو العقاب المصري ما زالت موجودة بالمغرب، وأن المملكة توجد في المرتبة الثانية، على صعيد حوض البحر الأبيض المتوسط، بعد تركيا، من حيث غنى التنوع الإحيائي.

فالمغرب يحتضن مزيجا بين النظم الإحيائية المدارية الإفريقية والنظم الإحيائية ذات الامتدادات الأوراسية، مما يجعله يتوفر على تنوع إحيائي غني ومتفرد تستفيد منه الحياة البرية.

غير أنه وبرأي الملاحظين، فإن هذه الحياة البرية بالمغرب أضحت تعاني، على الخصوص، من تدهور المواطن الطبيعية لمختلف الأصناف المتوطنة.

فالتغير المناخي والنشاط الزراعي المكثف والصيد غير القانوني وأيضا الرعي الجائر، تعد أبرز المشاكل التي تهدد تنوع الحياة البرية بالمغرب، مما يفرض العمل بغية الحفاظ على هذا التنوع، ولكن أيضا التوعية بشأنه.

يحذر الأستاذ الباحث بجامعة السلطان مولاي سليمان (بني ملال-خنيفرة)، عماد الشرقاوي، من أن المغرب فقد العديد من النظم الإحيائية، كما أن التنوع الإحيائي يواجه رهانات بيئية عدة، ويشير، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى اندثار عدد من الأصناف، من قبيل أسد وفهد الأطلس.

هذا الوضع يحتم، وفق الباحث، جهودا جادة للحفاظ على التنوع الإحيائي، مبرزا في هذا الصدد أن المغرب صادق على العديد من المعاهدات الدولية بشأن حماية البيئة والحياة البرية.

من جانب آخر، عمل المغرب على إحداث العديد من المنتزهات الطبيعية وشبكة تضم عشرات الفضاءات المحمية، تمكن بالأساس من الحفاظ على ما تبقى من هذه الأنظمة الإحيائية الفريدة.

وأشاد السيد الشرقاوي بكون شبكة الفضاءات المحمية، التي تم إرساؤها من خلال المخطط المديري للفضاءات المحمية، حظيت باعتراف اليونسكو باعتبارها تراثا طبيعيا، مستعرضا في هذا السياق مثال المحيط الحيوي للأركان (800 ألف هكتار)، ومحمية أشجار الأرز وأيضا محمية واحات تافيلالت فضلا عن المحمية بين القارية، الوحيدة من نوعها، التي تمتد بين منطقتي الريف والأندلس، وتساهم في حماية النظم الإحيائية المشتركة بين المغرب وإسبانيا.

وبعد التنويه بانفتاح السلطات المعنية على المنظمات غير الحكومية، اعتبر السيد الشرقاوي أن دور المجتمع المدني لا يقتصر على الترافع، بل يمكن أن يمتد ليشمل التدبير المشترك للموارد الطبيعية.

من جهته، أكد الصحافي المتخصص في التراث الطبيعي بالمغرب، أسامة أباعوس، في تصريح مماثل، أن حماية الحياة البرية تتطلب أولا التعرف عليها، موضحا أن المغاربة لا يعرفون جميع أصناف الأشجار والثدييات والزواحف التي لا توجد إلا بالمغرب، ملاحظا أن التاريخ البيولوجي للمملكة والأنظمة الإحيائية التي تشكلت بواسطة طوبوغرافيتها تجعل المغرب يتوفر على أزيد من 33 صنفا من الأنظمة الإحيائية الفريدة.

وشدد على ضرورة توعية المغاربة بغنى التنوع الإحيائي للمملكة، مضيفا أنه يتعين تعريف التلاميذ بالمؤسسات التعليمية بالتراث الطبيعي لبلادهم. وخلص إلى أن عمل التوعية يجب أن يتم على المدى الطويل، من خلال المنظومة التربوية، وعلى المدى القصير، من خلال وسائل الإعلام.

ويحتفي اليوم العالمي للأحياء البرية، الذي أقرته الأمم المتحدة سنة 2014 في 3 مارس من كل سنة، بالعديد من الأصناف النباتية والحيوانية. ويروم التوعية بمزايا الحفاظ عليها.

وفي رسالة بهذه المناسبة، حث الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريش، الحكومات والشركات والأشخاص في كل مكان على تكثيف الجهود للحفاظ على الغابات والأنواع الحرجية، وعلى دعم أصوات المجتمعات التي ترتبط بالغابات والإصغاء إليها.