محطة24 – بني ملال :عبدالرزاق هشيمي
نظم مسلك الإجازة المهنية في الصحافة المكتوبة بتنسيق مع مركز الدراسات و الأبحاث الإنسانية(مدي) يومي 5 و 6 ماي بمدرج الندوات بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بني ملال ندوة وطنية أطرها مجموعة من الأساتذة الباحثون و مهنيون في موضوع”الإعلام والجهوية المتقدمة أي موقع للإعلام في التدبير الجهوي؟”.
و شخص نور الدين مفتاح صحافي و مدير نشر “الأيام”ورئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف،واقع الصحافة المكتوبة بالمغرب مبرزا معاناتها التي شبهها بمثلث بيرمود و التي تتجلي في اقتصاد المقاولة و المهنية و أخلاقيات المهنة مما جعل الصحافة المغربية حسب مفتاح تدخل غرفة الإنعاش.
و أضاف مفتاح أن الصحافة المغربية تعاني من انهيار في المبيعات مقدما إحصائيات مضبوطة تتجلي في فقدان شركة التوزيع (سابريس) ل25%من رقم معاملاتها سنة 2013 و 16% من رقم معاملاتها سنة 2014 .
كما أشار مفتاح إلي آخر دراسة قامت بها فيدرالية ناشري الصحف بدعم من وزارة الإتصال،من أهم خلاصاتها أن مبيعات الصحف وصلت إلي 220 ألف في حين أن عدد القراء يصل إلي مليون و 150 ألف و674 قارئ مما يفسر أن هناك قراء و ليس هناك مبيعات .
فحسب مفتاح أنه ليس هناك وعي لدي الناس بخطورة استهلاك منتوج(جريدة) ناتج عن استثمار بالمجان مما سيؤدي بالتأكيد إلي إعلان الصحف الوطنية إلي الإفلاس.
التحول الثاني الذي طرأ علي الصحافة المغربية سنة2016 حسب مفتاح هو تحولها من شبه انهيار علي مستوي المبيعات إلي شبه انهيار علي مستوي المداخل ،فكل جريدة يقول مفتاح لديها موردين اقتصاديين و هما المبيعات و الإشهار هذا الأخير يشكل 80% من مداخل الصحف المكتوبة التي تراجعت نسبتها من 22% إلي 15% من القيمة الإجمالية لمداخيل الإشهار و التي تقدر ب3 ملايير درهم.،هذا التراجع يضيف مفتاح كان له انعكاس سلبي علي الصحف الوطني حيث أعلنت أربع يوميات إفلاسها وهي يومية التجديد و عاصمة بوست و الناس و الخبر و القادم يسير في نفس الإتجاه يضيف مفتاح.
و بخصوص الصحافة الجهوية أكد مفتاح أنها هي الأخري تعيش في غرفة الإنعاش بحيث كانت هذه الأخير دائما الحلقة الأضعف في الصحافة الوطنية باعتبار أن الخبر الجهوي كان يوجد في الصحافة الوطنية عبر المراسل الصحفي الذي كانت له السلطة السياسية أكثر منها مهنية ليضيف بعد ذلك أن من 171 عنوان جريدة جهوية 18 فقط هي من استجابت لشروط اللجنة الثنائية و هذا يطرح مشكل المهنية لدي الصحافة الجهوية.
ليختم مفتاح كلامه حول مشروع الجهوية المتقدمة متسائلا هل مسؤولو المؤسسات الجهوية واعون بأن تكون هناك صحافة قوية و مستقلة تواكبهم؟أم أنهم سيوظفون مواردهم و مواقفهم ليخلقوا صحافة جهوية تابعة لهم؟.
من جانبه تحدث حسن طارق أستاذ باحث بكلية الحقوق سطات عن واقع الصحافة الجهوية و من خلال بعض التجارب الفاشلة و التي لخصها طارق في تجربة الإذاعات الجهوية التابعة للإذاعة الوطنية و الطبعات الجهوية التي لم يكتب لها الخروج في عهد وزير الإتصال السابق العربي المساري،ليقدم بعد ذلك طارق أهم ملاحظاته حول الصحافة الجهوية التي وصفها بالهاوية لا من حيث انتظامية الإصدار و لا من حيث الموارد البشرية و لا من حيث الهيكلة الإدارية و المالية بالتالي يقول طارق أن الصحافة الجهوية أصيبت بعطب المهنية و الأخلاقيات سواء في علاقتها مع السلطة أو الفاعلين الإقتصاديين و السياسيين و هذا العطب ناتج عن ممارسات مسيئة لمهنة الصحافة.
و أضاف طارق أن التحول الذي تعرفه الصحافة الجهوية اليوم هو الإنزياح نحو الصحافة الإلكترونية من خلال هذا التناسل الكبير للمواقع الإلكترونية التي أغلبها لا يتوفر علي وصل مما أثر سلبا علي المشهد الإعلامي و يتجلي ذلك حسب طارق في ما نعيشه اليوم من قتل مهنة الصحافة و روح الأخلاقيات المبنية علي الإخبار و القواعد المهنية و كذلك من خلال ما نقرؤه من لغة صحفية مشوهة،و الغريب في الأمر يقول طارق أن الحكومة تحتفل بأرقام هذه المواقع و تقدمها علي أنها فتح مبين.
ليختم طارق كلمته بالقول أن المجال الجهوي غير مرسخ في تمثل القارئ و للمادة الإعلامية أو في تمثل الإعلامي صانع المادة الإعلامية،فالقارئ يضيف طارق يوجد داخل مجال وطني مليء بالأحداث و يشعر بأنه يوجد داخل مجال محلي هو البادية هو المدينة فيه أحداث و تفاعلات لكنه لا يشعر لا بالإنتماء لا الوجداني و لا القانوني و لا المؤسساتي لهذه الفضاءات الجهوية الحديثة.
أما محمد حجام الصحافي و مدير جريدة”ملفات تادلة” فقد تحدث عن ظروف و معاناة تأسيس أول جريدة جهوية مغربية مهنية مستقلة و التي حصرها في الهدف الذي رسمه منذ خروجه من السجن رفقة مجموعة من الأصدقاء في بناء الدولة المدنية و دولة المواطن بالإضافة حسب حجام إلي استغلال ما تزخر به المنطقة من تراكمات تاريخية و أدبية و ثقافية و علمية ،و يضيف حجام أن النقابات و الأحزاب التقدمية رفضت مساعدتهم في استغلال هذا التراكم قصد بناء قاعدة معرفية للخطاب السياسي و الجمعوي .
المحاولة الثانية يقول حجام هو إنشاء موسوعة قادرة علي صياغة ذاكرتنا الشعبية اعتمادا علي هذا التراكم المعرفي علي المنطقة لكن يضيف حجام بحثنا عن من يتبني مشروعنا لكن لا حياة لمن تنادي و هنا جاءت فكرة إنشاء جريدة “ملفات تادلة “سنة 1991 يقول حجام من أجل تصريف الرأس مال الرمزي المعرفي الثقافي .
و يضيف حجام أنه بعد 25 سنة من الإشتغال و الصبر أصبح لملفات تادلة مكتب و مراسل داخل الامم المتحدة ،ليعرج بعد ذلك حجام إلي المشاكل التي تواجهها الجريدة و التي تتمثل في ضعف التمويل هذا الأخير يعتبره حجام ضريبة الاستقلالية ،ف37 مليون التي تمنحها لنا الوزارة يقول حجام تشترط أن نؤدي بها مصاريف الضمان الإجتماعي و أجور الموظفين لكن حسب محمد المشكل الكبير هو التمويل الذي يأتي من عائدات الإشهار و الذي يوجه لبعض الجرائد مقابل التخلي عن الإستقلالية .
ملفات تادلة اليوم لا زالت علي قيد الحياة بفضل دراهم رجال التعليم يقول حجام.