قراءة في إعفاء بن كيران وتعيين سعد الدين

بقلم كمال الهشومي
أعتقد أنه لابد من الانتباه بكوننا نطالب دائما بترسيخ الديمقراطية المبنية أساسا على دولة الحق والقانون والتي من بينها وأساسها احترام الدستور.
شخصيا كنت اعتبر أن التعثر والتجاذبات التي ابتدأت بابتداء مفاوضات تشكيل الحكومة المفترضة، تعثر عادي في ظل فترة انتقالية ديمقراطيا، بل أمرا أكاد اقول انه مطلوب. لكن مع مرور الوقت وأكثر من ذلك تحول مسار المفاوضات من فن الممكن إلى مسار يرتبط أكثر بما هو ذاتي انفعالي بفعل ورود الفعل، وتطور ذلك إلى تصريحات استعلائية تروم التحدي وتسبيق المصلحة الحزبية على الوطن، وتجاوز الامر من الاختلاف الحزبي الى التجني على مؤسسات البلاد بشكل مباشر من طرف رئيس الحكومة المكلف.

باعتبار ان هناك مخطط مبارك فيه من جهات نافذة تستهدف فشله…….لذلك اعتبر أن تدخل ملك البلاد لفك هذا الاشكال “تحدي” جاء في مكان.

 
كنت دائما من المدافعين عن ضرورة احترام بنود دستور حرفيا وان كنت دائما اميل إلى روح النص، لكن في نازلة رئيس الحكومة بالتطبيق الحرفي للفصل 47 من الدستور، واختلفت مع زملاء الأساتذة ذوي الاختصاص في هذا الشأن، واعتبرت ولا زلت ان المس باحد بنود الدستور بغير حق اي ان يكون هناك تأويل سياسي له سيستبيح أكيد خرقه في كل مناسبة، وسيصبح مثنا ادبيا لا غير وليس قاون اسمى يحكتم اليه الجميع.

 
وعليه اعتبر ان بلاغ الديوان الملكي بلاغ يحترم تماما دستور البلاد، عن طريق استعمال الفصل 42 الذي يعطي للملك أحقية التدخل لضمان استمرار مؤسسات الدولة والمؤتمن على ذلك، وبناء عليه رأى أنه بعد مرور أزيد من خمسة أشهر، ومؤسسات الدولة معطلة، وأنه بعد استعجال الأمر من طرفه وتأكد له بعدم وجود مخارج في الافق، فأخذ قراره، وحافظ حتى على نص الفصل 47، بعزمه تعيين شخصية سياسية من نفس حزب الرئيس المعفى. وحتى بعد استقباله للسيد سعد الدين العثماني فهو يعطي إشارة مهمة بكونه يحترم تراتبية الحزب وأغلق كل التكهنات والاجتهادات باعتباره الشخصية رقم 2 بالحزب.

 
لا بد من التأكيد على أن الدستور وخاصة الفصل 47 تعيين شخصية سياسية من الحزب الأول، أي أن التعيين هو للشخص وليس للحزب. وعليه يجب على الرئيس المعين إن يتجاوز أخطاء الرئيس المعفى وخاصة تلك المتعلقة بإدراج الأمانة العامة للبيجيدي في كل تفاصيل مسار المفاوضات، وأن يحترم مفاوضيه بدون استثناء، بدءا باستقبالهم في مكان محايد بمقر الحكومة أو على الأقل بفندق وليس بمقر الحزب والذي ليس بالضرورة الفرض على الجميع زيارة المقر. ثم التمتع بتقنيات منفتحة كرجل دولة مكلف بمهمة جسيمة وليس كحزبي ينظر إلى المصلحة الضيقة للحزب. النظر إلى المستقبل وليس بمنطق العناد والانتقام………وإلا اكيد سنكرر شهورا أخرى لضياع فرص إيجابية لصالح الوطن.