الحد الادني للاجور والتقدم

محطة24 – بقلم د ادريس الفينة

يعود النقاش اليوم عشية فاتح ماي من كل سنة لموضوع الحد الادنى للاجور. النقاش بخصوص هذا الاشكال ليس بالسهل. كل مايمكن ان نقوله هو اننا لم نتمكن من ان نجعل منه الية حقيقية لتسريع التنمية وتحسين توزيع الثروة.

لان المشغلين يعتبرون ان الرفع من الحد الادنى من الاجور امر غير مقبول وخط احمر الانه سيؤثر على التوازنات المالية للمقاولات ويخفض من جاذبية التراب الوطني ويضعف تنافسية المقاولة بشكل عام. في الحقيقة النقاش بخصوص هذا الملف عادة ماتشوبه مغالطات كبيرة. فالدول التي تقدمت بسرعة كانت هي تلك التي ارتفعت فيها الاجور بسرعة وخصوصا الدنيا منها وسمحت لراس المال البشري من ان يتطور ويتاهل ويواكب حاجيات التطور الاقتصادي .

فالحد الادنى للاجور المعمول به في المغرب اليوم لن يسمح للاجراء من العيش الكريم داخل المدن والبادية ولايمكنه من ضمان الولوج للسكن والتطبيب والتعليم والاكل الجيد. فكيف يمكن ان نضمن اعادة تكوين راس المال البشري بهذا الحد الادنى من الاجور ، بل كل ما نلاحظه اليوم هو التدهور المستمر على المدى البعيد لجودة راس المال البشري بخصوص بعض الفات المجتمعية المرتبطة ص لحد الادنى للاجور.
كما ان هذا الحد الادنى للاجور يساهم اليوم في توسيع الهوة الاجتماعية بشكل كبير ومقلق خصوصا بين اصحاب راس المال الذين تتضخم ثرواتهم بشكل كبير وباقي القات المجتمعية.

كما ان المقاولة اليوم لايمكنها ان تتطور فقط وتكون لها منافسة قوية عبر حد ادنى للاجر منخفض. فاليوم مايحسن لانتاجية وقوة المقاولة هو التدبير الجيد والخطط الجيدة والاستراتيجيات الفعالة والبحث والاختراع وليس الاجور المنخفضة. كما ان جلب الاستثمارات الخارجية لم تعد تتاثر بالاجور المنخفضة بل بالاقتصاديات التي تظمن مناخ اعمال جيد وادارات فعالة وشفافة وجودة خدمات للمقاولات وعدالة جيدة وراس مال بشري ذو جودة عالية من حيث التكوين وخصوصا في المجالات التكنولوجية.

نعلم جيدا ان عدد من المقاولات المغربية تحقق ارباحها غير مبررة عبر استغلالها لراس المال البشري والتهرب الضريبي واحتكارها لمجالات الريع والفساد. كل هذا اعطانا الوضع الحالي الذي يحتاج لاصلاح عميق على اكثر من مستوى. فالمغرب لحدود اليوم لايتوفر على مقاولات عملاقة قادرة على هيكلة الاقتصاد وخلق المزيد من الثروة ومناصب الشغل ورفع التصدير.أحد هذه الاسباب الجوهرية مرتبط بما سبق ذكره وخصوصا ضعف الاجور وغياب التوزيع العادل للثروة التي تخلقها المقاولات بين اصحاب راس المال والاجراء .