الأمطار الطوفانية بالرباط وسلا تفضح مستوى التدبير الجماعي والحضري لحزب المصباح

بقلم  عبد الحق الريحاني

عاشت مدينتي الرباط وسلا يوما  مشهودا سيبقى في ذاكرة سكان العدوتين راسخا، وذلك بسبب الأمطار الغزيرة التي تهاطلت أول أمس، وكانت سببا رئيسيا في  شل الحركة بشكل عام، وأثارت نوعا من الهلع والرعب في نفس الساكنة التي حملت أكفها إلى العلي القدير من أجل ترديد الدعاء المعروف لدى المغاربة “الله يعطينا الشتاء على قد النفع”.

يوم أمس لم يكن يوما عاديا، حيث  تسببت الأمطار التي ظلت تتساقط منذ الساعات الأولى من يوم  الخميس، في شل حركة المرور ما بين العدوتين سلا والرباط ، ما زاد في الطين بلة هو تزامن سقوط الأمطار التي غمرت الطرقات  والأحياء وكل الممرات مع خروج التلاميذ من المدارس وخروج الموظفين ما جعل حركة التنقل تتوقف لساعات طويلة منذ الساعة الرابعة والراكبون في سياراتهم ينتظرون ساعة الفرج كي تنساب  حركة السير، إلا إن البعض فقه بذلك ما جعله يغادر سيارته ويتركه في قارعة الطريق وسار على إقدامه لتفقد منبع الخلل فإذا بهم يتفاجؤون أن هناك سيارات غمرتها المياه بالكامل.

فالطريق الرباط ما بين الرباط وسلا المؤدية الى مدينة مكناس كان سببا في احتجاز سكان  سلا بسياراتهم وأبنائهم الذي خرجوا من المدارس ولم يتمكنوا من الالتحاق بمنازلهم إلا بعد صلاة المغرب، ما جعل ارتباك حقيقيي وتخوف لدى الأسر على فلذات أكبادهم وأزواجهم، خاصة أن الناس كانت تتبع مشاهد غرق العديد من الأحياء والشوارع لمدينة سلا  عبر تقنيات التواصل الفاسبوك والواتساب، حيث عمد العديد من المتطوعين إلى تسجيل فيديوهات والتعليق على ذلك بعبارات ك “سلا تغرق في هذه الأثناء”، “تابريكت تغرق”، ولم تسلم وسيلة النقل الجديدة التي يفتخر بها السلاويون والرباطيون في إطار مشروع أبي رقراق  الترامواي،  هي الأخرى من توقف الحركة إذ عاين السكان بأم عينهم  الترامواي متوقف في سكته  والمياه أصبحت كالوادي وهي تجري في سكته بالرغم من أنها مرتفعة نوعا على الطريق العادية.  

وتسببت كذلك هذه الأمطار ومنسوب مياهها الكثيفة في إلزام المكتب الوطني للقطارات في إيقاف حركة القطارات، ثم إيقاف الدراسة بالمدارس يوم أمس بسلا حيث عمدت بعض الإدارات للثانويات الى أخراج التلاميذ قبل الوقت المحدد بسبب استشعار خطر غزو المياه لبعض المؤسسات التعليمية وكمثال على ذلك ثانوية لسان الدين الخطيب بحي تابريكت المتواجدة في موقع عبارة عن حفرة ما جعلها مؤهلة لاستقبال كل المياه التي كانت تتجمع في الطريق المحادية لباب المؤسسة والقريبة من الفضاء التجاري لمرجان بمدينة تابريكت.

وتداول عدد من نشطاء الشبكات الاجتماعية عدد من الصور والفيديوهات التي تفضح هذا الواقع  الغير الطبيعي الذي عرى هشاشة البنيات التحتية لمدينة سلا، المدينة التي يمثلها عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة لثلاثة ولايات برلمانية متتالية، وعمدتها الحالي جامع المعتصم رئيس ديوانه، والتي يسير بعض جماعاتها عدد من قيادي حزب العدالة والتنمية.

فيوم الخميس الممطر بسلا يؤكد حقيقة مستوى التدبير الجماعي والمحلي لمدينة سلا، المدينة التي تعتبر الموقع الرئيس لحزب رئيس الحكومة، والتي يجب أن تكون مدينة نموذجية على جميع المستويات لكن الواقع يؤكد عكس ذلك، فالسلاويون قد منحوا أصواتهم لحزب المصباح عما يزيد 16 سنة منذ أن نجح بنكيران في الانتخابات الجزية لكي يتمكن فريق العدالة والتنمية الذي كان له 11 برلمانيا بمجلس النواب، من تكوين فريق برلماني، فمنذ ذلك العهد والسلاويات والسلاويون منخدعون بالتصويت على حزب المصباح لكنهم لم يتمكنوا من حصد أية نتيجة تذكر، فسلا هي سلا كما قال عليها  يوما ما، احد الوطنيين الكبار وأبناءها البررة رحمه الله ابوبكر القادري، “لم يبقى من سلا إلا التاريخ”.

فيوم الخميس الممطر بسلا ، قد أرسل رسالة من الرفيق الأعلى  لبنكيران  ومسؤولي حزبه في التدبير الجماعي بهذه المدينة وكذلك لكل المعنيين بالأمر، أن الطبيعة لا تقبل الفراغ، وأن الشمس لا تغطى بالغربال، والعمل الجدي والفعلي على ارض الميدان هو الحقيقة الساطعة التي تبقى و تدوم على أرض الواقع، والكلام المعسول أو الصدقات و الأعمال الموسمية الخيرية، مجرد مساعدات احسانية سرعان ما تنتهي في المكان والزمان.