محطة24

أبرز وأنصع مثال على استشراء العنف ضد النساء، هو ما تعرضت له أستاذة الحي المحمدي بالدار البيضاء هذا الأسبوع . ضربة غادرة غائرة من طرف تلميذ تغير ملامح وجه، وتعمق في النفس عنفا، قد لا يمحى مدى الحياة. حادث، وقع عشية اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحل كلَّ سنة في الخامس والعشرين من نونبر.

لقد اتسع نطاق استهداف النساء بشكل مريع في المجتمع المغربي .وأضحت الظاهرة بنيوية في الفضاءات العامة كما داخل البيوت . والأرقام تشهد بجلاء على ذلك، بل إن الأمم المتحدة قدمت منتصفَ هذا الأسبوع بالرباط، تقريرا خطيرا وصادما، تعلن فيه أن ما يقارب عشرة ملايين امرأة (9،8 ملايين) من النساء المغربيات، يعانين من مختلف أشكال العنف ،أي أن أكثر من 60 بالمئة من مجموع نساء البلاد، هن ضحايا لظاهرة وممارسة تتنوع أشكالها :عنف المساس بالحرية الفردية،عنف جنسي ، عنف جسدي طال مليون ونصف امرأة، عنف اقتصادي…

أرقام الأمم المتحدة، تعد امتدادا لنتائج بحث وطني سبق أن أجرته المندوبية السامية للتخطيط حول انتشار العنف ضد النساء، أنجزته سنة 2009 على عينة من النساء والفتيات، تتراوح أعمارهن ما بين 18 و 64 سنة، تظهر أن هذه الظاهرة، التي كثيرا ما يعتقد أنها ظاهرة الفضاءات العامة، هي أيضا وبامتياز، العاهة المسكوت عنها بالوسط العائلي، بما فيه من علاقات بين الأزواج. فمن خلال النتائج المتوفرة، يتبين أن أكثر من نصف النساء المتزوجات (3,7 ملايين ضحية) أو 55٪ تعرضن خلال الإثني عشر شهرا التي سبقت البحث، إلى شكل واحد على الأقل من أشكال العنف بالفضاء الزوجي. أما بالوسط العائلي، فإن العنف الممارس على النساء والفتيات بهذا الفضاء، خلف 1,3 مليون ضحية بمعدل انتشار بلغ 13,5٪.

لكن، وأمام هذه الأرقام، يطرح السؤال: ماهي الإجراءات، التي تم اتخاذها للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة؟ دون تردد، نقول إن ما تم وضعه من استراتيجيات أو سياسات عمومية أو تدابير قانونية، لا يرقى إلى مستوى خطورة الظاهرة. ويكفي أن نشير إلى مشروع القانون لمحاربة هذا العنف، والذي يوجد بالمؤسسة التشريعية، جاء من الحكومة السابقة يحمل معه أعطابا ونقائص في المضامين والآليات. ويكفي أن نشير إلى أن هناك إجماعا حقوقيا رافضا له مطالبا بإعادة صياغته…

العنف ضد المرأة، لا يتطلب فقط التشريعات، بل التحسيس المتواصل بخطورته والتربية على مناهضته. وفي سياق الجهود العالمية لمحاربة الظاهرة، اتخذت الأمم المتحدة هذه السنة مبادرة تتمثل في «16 يوما من النشاط ضد العنف القائم على نوع الجنس». تهدف الحملة إلى زيادة الوعي العام، وتعبئة الناس في كل مكان لإحداث التغيير. وتبدأ تلك الحملة من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر، وهو يوم حقوق الإنسان. وموضوع الحملة هو « لن نخلف أحدا وراءنا: لينته العنف ضد النساء والفتيات».

يقول الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بمناسبة هذا اليوم: «لقد حان الوقت للمضي قدما في عملنا الجماعي، من أجل القضاء المبرم على العنف ضد المرأة والفتاة، وذلك ما يتطلب منا جميعا العمل معا وبشكل متزامن، في بلداننا ومناطقنا ومجتمعاتنا، على تحقيق نفس الهدف…».

فلنتعبأ جميعا دون مزايدات أو استغلال، كي نضع حدا لظاهرة ضحاياها نصف المجتمع. ولتكن المؤسسة التشريعية كما الحكومة والمجتمع المدني والأحزاب والنقابات..في مستوى هذه التعبئة، بأن نضع سياسات ناجعة وتشريعا قويا وبرامج وأنشطة فعالة وباستمرار، من أجل مجتمع يحترم نساءه ويصون كرامتهن.