يونس مجاهد

 

كما كان منتظراً، فقد استعملت الولايات المتحدة، حق الفيتو في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن، لإبطال مشروع القرار الذي تقدمت به مصر،لإلغاء ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بخصوص اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلده إليها. وهو ما يعني أن سياسية الأمر الواقع هي التي سوف يتم فرضها، كما حصل في مراتٍ سابقة.


ورغم أن هناك العديد من وسائل الإعلام ومن السياسيين والملاحظين، الذين سجلوا عزلة واشنطن، فيما ذهبت إليه، فإن ذلك لن يغير من الوضع أي شيء، إذا وقفت الأمور عند هذا الحد، فقد سبق لمثل هذه القوى المتسلطة أن فرضت توجهها، عنوة وبالقوة، رغم المعارضة الشديدة، من طرف مايسمى بالمجتمع الدولي.
فاحتلال العراق وتفكيك دولته وإعدام رئيسه السابق، صدام حسين، وتشجيع الإرهاب في المنطقة، وتكوين أحلاف لتخريب الدول، مثل ما حدث في سوريا، وغيرها من البلدان العربية، يؤكد أن هناك استهدافاً لهذه المنطقة من العالم، من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، وامتهاناً لشعوبها واستهانة واحتقاراً لها.


مقابل ذلك، تواصل هذه القوة الإمبريالية دعمها اللامشروط لدولة الكيان الصهيوني، بكل الوسائل، المالية والعسكرية والديبلوماسية، ليواصل احتلاله للأراضي الفلسطينية وينكل بالشعب الفلسطيني، يقتل ويعتقل ويعذب ويسجن ويهدم البيوت ويزرع المستوطنات، ويستهين بكل القرارات الدولية، لأن هناك من يحمي هذه العربدة، وعلى رأسها واشنطن، التي تتعامل بعدوانية لا مثيل لها تجاه أبناء المنطقة العربية.


لذلك فالسؤال الذي طرحته أجيال سابقة، في هذه المنطقة، ومازال يطرحه الجيل الحالي وستطرحه الأجيال اللاحقة، هو إلى متى ستستمر هذه العدوانية الأمريكية عليها، ما الذي تريده من هذه المنطقة، تدمير البلدان وتمزيقها؟ استعباد شعوبها وجعلها في آخر مراتب الأمم؟ نهب خيراتها؟ سيادة إسرائيل عليها؟ تشجيع كل أنواع التطرّف والاقتتال بين أبنائها؟ أي خريطة سياسية وبشرية تريد أن تصل إليها واشنطن في المنطقة العربية؟


من المؤكد أن هناك مخططاً أمريكياً سيتواصل، وستستمر الأجيال اللاحقة في طرح هذه الأسئلة، وهي قد تفهم أو لن تفهم سِرّ هذه العدوانية المتأصلة في سياسات الولايات المتحدة تجاه المنطقة العربية، لكنها ستعيشها في جسدها وحياتها وواقعها اليومي.