
من يخرج عن الاجماع يشكل صوتا نشازا في المشهد السياسي الوطني
محطة24 – عبد الحق الريحاني
التوافق على إصلاحات المنظومة الانتخابية قبل الاستحقاقات الانتخابية تقليد ديمقراطي ومنهجية منطقية للحكومات السابقة
بعد سلسلة من اللقاءات التشاورية التي عقدتها وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية من أجل ادخال إصلاحات على القوانين الانتخابية، والتوافق على عدد من التعديلات التي تهم العمليات الانتخابية المقبلة التي ستشهدها السنة القادمة، وذلك بقصد بلوغ قوانين انتخابية تستفيد من التراكم والتطور للتجربة الديمقراطية بالبلاد ولتعبر عن تمثيلية حقيقية لإرادة المواطنين.
وقد اسفرت هذه المشاورات على التوافق على عدد من الإصلاحات الأساسية التي تهم جوهر العمليات الانتخابية، والتي شكلت منذ سنوات خلت أحد المطالب الأساسية للأحزاب الديمقراطية كالتسجيل في اللوائح الانتخابية حسب البطاقة الوطنية، ثم التشطيب والتنقيح في اللوائح الانتخابية، وتغيير يوم الاقتراع الذي كان دوما يوم الجمعة، فضلا على التوافق بخصوص أكثر تمثيلية للنساء والشباب في المؤسسات المنتخبة، فضلا على التوافق على طريقة احتساب توزيع المقاعد على أساس عدد المسجلين وليس عدد الأصوات المحصل عليها.
ومن الطبيعي أن تجري الحكومة هذه المشاورات مع الأحزاب السياسية بواسطة وزارة الداخلية بتكليف من رئيس الحكومة، كما أن هذا شكل تقليدا ديمقراطيا ومنهجية منطقية للحكومات لما تكون بالبلاد مقبلة على استحقاقات انتخابية، الذي يحتم ضرورة توفير توافق ما بين الأحزاب السياسية واتفاقات أولية، فيما بينها لتتم ترجمتها في مشاريع الإصلاحات التي ستقدم عليها الحكومة ويتم عرضها على البرلمان للمصادقة عليها.
والملاحظ أن خلال المشاورات السياسية التي قامت بها وزارة الداخلية، شكلت نقطة القاسم الانتخابي المشترك، شبه اجماع ما بين الأحزاب السياسية باستثناء الحزب الذي يقود الحكومة الذي ظل متشبثا برأيه واعتبر ان كل تغيير في أساس احتساب المقاعد “استهداف له ومحاولة لتقزيم حجمه”، بل اعتبر أن الامر “غير دستوري”، وبهذا يكون الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي قد شكل صوتا نشازا في المشهد السياسي وشرع من جديد في ترويج اطروحته السياسوية المبنية على المظلومية واشهار الفزاعات، عبر خرجات إعلامية لقياديين له.
وصلة بالموضوع، أكد عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية على أن إنجاح المحطات الانتخابية المقبلة مجتمعة يشكل تحديا للوزارة وللفاعلين السياسيين وجميع المعنيين بهذه العملية، باعتبارها المنفذ الأساسي لإفراز المؤسسات القادرة على تحقيق الأهداف الاستراتيجية المسطرة، موضحا في نفس الوقت، أن وزارة الداخلية تعتبر أن المرحلة الحالية ما هي إلا تتويج لمسار سياسي ومؤسساتي، أرسى معالمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، انطلاقا من مرجعية دستورية وتراكم تاريخي، قوامهما تثمين المكتسبات الإيجابية للتجربة المغربية المعترف دوليا بتميزها في المنطقة، وبنجاح نهجها التنموي ومسيرتها الديمقراطية.
وذكر لفتيت، الذي كان يقدم مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية لسنة 2021 أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب مؤخرا، بأن الوزارة، وسعيا منها إلى توفير الشروط الملائمة والإعداد الجيد لإجراء مختلف الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سواء منها الوطنية أو الجهوية أو المحلية أو المهنية في أحسن الظروف ، بادرت إلى عقد لقاءات لتيسير عملية التشاور وتقريب وجهات نظر الفاعلين السياسيين بشأن المنظومة الانتخابية، وفق مقاربة تشاركية، ستساهم لا محالة في إفراز مجالس منتخبة مؤهلة قادرة على الوفاء بالمهام الموكولة لها دستوريا.
وأشار لفتيت إلى أن السنة الجارية تميزت بالعمل على ملء المقاعد الشاغرة بمجلسي البرلمان ومجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية، وإحداث وحدات إدارية جديدة، ومواصلة عملية تعيين الحدود الترابية لجماعات ومقاطعات المملكة، واتخاذ الإجراءات العملية لصرف التمويل العمومي المقرر لفائدة الأحزاب السياسية، وكذا تتبع المراجعة السنوية للوائح الانتخابية العامة واللوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية.