جهة بني ملال خنفيرة : تنويع الاقتصاد الجهوي أول مخرج للازمة

محطة24

لاشك أن التغيرات المناخية كان لها تأثيرا واضحا على طبيعة المجال الترابي لجهة بني ملال خنيفرة ، حيث تحول السهل إلى منطقة قاحلة ، بفعل الجفاف الحاد ، و انقطاع ماء نهر ام الربيع ، بفعل عدة عوامل ، لا يمكن التفصيل فيها ، لأن الأهم هو إيجاد المخارج للازمة بشكل يضمن للساكنة متطلبات العيش الكريم .

إن الاعتماد على قطاع الفلاحة لوحده في بناء اقتصاد جهوي ، يعتبر مجازفة ومخاطرة بمستقبل الاجيال القادمة ، مادام هذا النشاط يرتكز على مادة ، تتحكم في وجودها الطبيعة و التغيرات المناخية .

اذا كان البعض يروج بأن جهة بني ملال خنيفرة هي جهة فلاحية بامتياز، فقد أخطأ في بلورة المشروع التنموي المناسب لهذه الرقعة الجغرافية ، التي توجد في قلب المغرب ، تتوسط جهات مهمة ووازنة ( الدار البيضاء ، مراكش ، فاس مكناس) ، كما تعتبر منفدا مهما الى جهة درعة تفيلالت ، وأصدر حكما في حقها ، لكي تبقى رهينة التغيرات المناخية ، و مصدرا فقط للمواد الأولية الفلاحية .

إن الموقع الجغرافي لجهة بني ملال خنفيرة ، اذا نظرت اليه نظرة مقارنة ، تجده شبيه بموقع العواصم الاوروبية(باريس ، مدريد ، برلين ، بروكسيل ، لندن …..) ، التي تشكل عصب الاقتصاد في تلك الدول ، رغم بعدها عن البحر ، حيث أن قوتها تتجسد في توسطها للبلاد ، الذي يجعلها قريبة من جميع الجهات . لكن كيف تحولت إلى ذلك ؟

بكل بساطة، تلك المناطق الاوروبية كانت غنية بالموارد الطبيعية ، وتخترقها انهار كبيرة ، بها معادن أساسية للصناعة ، كما هو الحال بالنسبة لجهة بني ملال خنيفرة ( السهل ، نهر ام الربيع ، الفوسفاط) ، فتمركزت الأنشطة الاقتصادية والصناعية ، و رغبة في تصديرها إلى الخارج ، تم إنشاء خطوط السكك الحديدية إلى الموانئ ، وليس نقل المواد الأولية إلى المدن الساحلية لتصنيعها ، بل كانت الصادرات تخرج في شكل سلع مصنعة ، كما توزع على باقي المناطق من البلاد .

إن إجراء هذه المقارنة كان ضروريا ، لابراز إن البعد عن البحر، ليس عائقا أمام تقدم ونمو جهة بني ملال خنيفرة ، ولا يمكن أن يكون سببا في حرمانها من مجموعة الاستثمارات، و عدم اعطائها الدور الذي يجب أن تحظى به ، لما تتميز به من موقع جغرافي متميز ، وثروات طبيعية مهمة ، تشكل اساسا مهما للاقتصاد الوطني .

انطلاقا مما سبق ، فإن تأخير ربطها بالسكة الحديدية ، يعتبر تأخيرا ضارا باقتصاد هذه الجهة ، وتعطيلا للتنمية ليس بهذه الجهة فقط ، لكن بالبلاد عامة ، لأن الربط سيختزل المسافات ، وسيمكن من خلق الموانئ الجافة بالقرب من المناطق الصناعية بمختلف اصنافها.

بدون شك ، فإن التصنيع يبقى أحد اهم الركائز في خلق الثروة ، وإحداث مناصب الشغل ، لذلك ، لابد من التفكير في خلق صناعات تحويلية للمواد الأولية المتواجدة بهذه المنطقة ، وهي كثيرة وفي مقدمتها الفوسفاط، الرخام والمواد الفلاحية المتنوعة .

إن تنويع الاقتصاد الجهوي ، يبقى اهم مخرج للازمة التي تعيشها الجهة ، بفعل التركيز على قطاع الفلاحة ، المهدد دائما بالتقلبات المناخية ، و قلة الموارد المائية ، والذي يجب يأخد بعين الاعتبار المؤهلات الطبيعية والموقع الجغرافي ، بعد استكمال الربط بمختلف شبكات الطرقية ،السكك الحديدية والجوية .