محطة 24 – أحمد بيضي
دعا المكتب الوطني ل”الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة” جميع فروع الجمعية، ومدرسي ومدرسات الفلسفة بمختلف ربوع البلاد إلى تنفيذ الوقفات الاحتجاجية المقررة داخل المؤسسات التعليمية، في فترات الاستراحة الصباحية والمسائية، من يوم الأربعاء 21 دجنبر 2016، وأن تكون هذه الوقفات مرفقة بشرح دواعيها للإدارة التربوية وللتلاميذ والتلميذات والآباء وأولياء الأمور، مع حمل الشارات الحمراء داخل الأقسام، وفي فضاءات المؤسسات التربوية، لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من يوم الأربعاء، وفتح نقاشات موسعة مع المدرسين والمدرسات والهيئات السياسية والنقابية والمدنية والجمعيات المهنية لشرح دواعي الاحتجاج، وتقديم مذكرات احتجاجية للمديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني.
وتقرر احتجاج مدرسي الفلسفة بعد وقوف المكتب الوطني لجمعيتهم، ومجلسهم الوطني وفروع الجمعية الثلاثون من وجدة إلى الداخلة، بقلق واستنكار شديدين، على “مخرجات مراجعة برامج مادة التربية الإسلامية في التعليم الثانوي التأهيلي، ووضعها بين أيدي ناشئة المغرب في الكتب المدرسية الجديدة”، حسب بيان في الموضوع الذي أشار إلى أن البرامج المعنية هي “منار التربية الإسلامية” للجدع المشترك والسنة الأولى بكالوريا، حيث أدانها المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، محملا المسؤولية ل “التوجهات الرسمية للدولة ووزارة التربية الوطنية، في الدفع بالبلاد والتعليم إلى الفتنة والتطرف من خلال التأشير على كتب مدرسية متزمتة ترهن فكر ومستقبل الأجيال الحاضرة والقادمة في شرنقة التطرف وتهيؤها على طبق من ذهب لتكون لقمة سائغة للإرهابيين”، حسب البيان.
وفي ذات السياق، عبر “المكتب الوطني لجمعية مدرسي الفلسفة” عن إدانته الشديدة ل “مضامين هذه البرامج المسيئة لمادة الفلسفة والعلوم الإنسانية، والعلوم الحقة والطبيعية، لما تضمنته من مس وتشويه وتحريف للمقاصد النبيلة للفلسفة والعلوم”، واصفا البرامج الجديدة لمادة التربية الإسلامية ب “المتزمتة التي تدعو للتعصب والجمود والتطرف، ولا تمت بصلة إلى التقاليد المغربية الراسخة في الثقافة الفلسفية، والتي تعتبر مكونا من المكونات الأساسية لهوية أمتنا المغربية، بدء بأجدادنا الأمازيغ ومرورا بكبار فلاسفة العالم كابن رشد وبن باجة وبن طفيل وبن عربي.. ووصولا إلى معاصرينا من أمثال محمد عابد الجابري وعبدالله العروي وعبد الكبير الخطيبي وغيرهم، وإسهامات الفكر الفلسفي المغربي المشهود لها قديما وحديثا في الثقافة الإنسانية الكونية”، يضيف البيان.
وبينما اعتبر المكتب الوطني للجمعية “أن هذا الخيار يعتبر تراجعا عن المكاسب الديمقراطية والحقوقية والحداثية التي ناضل من أجلها المغاربة ولا يزالون”، بم يفته تذكير الدولة المغربية ب “أن هذه الاختراقات الإيديولوجية الخطيرة للمدرسة المغربية تسير عكس الاختيارات الإستراتيجية التي تبنتها والمتمثلة في الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان وتشجيع الإسلام المغربي المعتدل والوسطي والمتسامح بما لا يعرض مستقبل المدرسة والبلد للخطر في ظل مناخ إقليمي مهيأ للعنف والتطرف والإرهاب”، كما ذكر الدولة أيضا ب “التزاماتها الدستورية والدولية بحماية الفلسفة وتشجيعها تشجيعا للحق في حرية التعبير والتفكير”، باعتبار الفلسفة حقا إنسانيا كونيا لا يجوز المساس به.
وجاء البيان بعد وقوف المكتب الوطني للجمعية، بالدراسة والتحليل، على “مختلف الجوانب السلبية التي تمس مادة الفلسفة تربويا وأخلاقيا في خرق سافر لمبادئ الدستور والميثاق الوطني للتربية والتكوين ومبادئ حقوق الإنسان والطفل كما صادق عليها المغرب دوليا والتوجيهات الملكية في هذا الصدد”، داعيا الدولة المغربية ووزارة التربية الوطنية ل “التراجع الفوري عن هذه الكتب المدرسية وسحبها من التداول المدرسي درء للفتنة والتطرف، وحفاظا على سلامة الجو التربوي بالمؤسسات التعليمية، ومراجعة برنامج مادة التربية الإسلامية وذلك بحذف مجزوءتي الإيمان والعلم والإيمان والفلسفة، والحفاظ على استقلالية المجالات المعرفية والإبستمولوجية بما يخدم التربية والتعلم والتكوين وصون المدرسة من الصراعات الإيديولوجية والتقاطبات المذهبية”، على حد البيان.
ومن جهة أخرى، لم يفت المكتب الوطني للجمعية دعوة الدولة المغربية ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إلى “محاسبة المؤشرين على هذه الكتب المدرسية المتطرفة والتي لا تراعي منهاج مادة التربية الإسلامية نفسه والداعي إلى الوسطية والاعتدال والتسامح واحترام الآخر والدعوة إلى إعمال العقل وطلب العلم والمعرفة”، مع تحميل الجهات المسؤولة المذكورة كامل المسؤولية التربوية والأخلاقية والسياسية فيما سيترتب عن تداول هذه الكتب من “تنمية للفكر الظلامي المتطرف في الأوساط المدرسية والجامعية والمجتمعية”، مع دعوة الوزارة الوصية ومديرية المناهج والبرامج إلى لقاء عاجل مع المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة لتدارس هذه الوضعية الخطيرة في أقرب وقت.
وصلة بذات السياق، دعا المكتب الوطني للجمعية جميع الفعاليات المدنية والجمعيات المهنية والأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني إلى الوقوف صفا متراصا في وجه ما وصفه ب “الغزو الوهابي التكفيري لبلادنا والدفاع عن مكاسبنا الديمقراطية والحقوقية والحداثية”، مع دعوة جميع المفكرين والمثقفين المغاربة إلى المساهمة في اليوم الدراسي الذي تعتزم الجمعية تنظيمه بالرباط لتدارس هذه الوضعية والخروج بتوصيات “إعلان الرباط من أجل الفلسفة” ترفع للجهات المسؤولة والمهتمة بالشأن الفلسفي وطنيا ودوليا.
كما لم يفت المكتب الوطني دعوة الإعلام الوطني إلى “تحمل مسؤولياته في فضح هذه المناورات التي تسعى إلى بث الفرقة والفتنة في الوسط المدرسي والمجتمعي والتصدي لها”، ودعوة كافة المدرسين والمدرسات، وعموم المواطنين والمواطنات، إلى توقيع عريضة احتجاجية وطنية للمطالبة بسحب هذه الكتب المدرسية، كما على جمعيات الأمهات والآباء وأولياء الأمور إلى تحمل مسؤوليتها فيما يصنع بمصير أبنائها وبناتها و”ما يهيئ لهم ولهن من مصير ظلامي متطرف” على حد البيان.
وارتباطا بالموضوع، نبه المكتب الوطني للجمعية كافة مدرسي ومدرسات مادة التربية الإسلامية، ومشرفيها ومشرفاتها التربويين، أن المعركة “ليست ضد مادة التربية الإسلامية التي نحترم دورها التربوي والتخليقي في المنظومة التربوية بل مع الدولة والوزارة التي تسعى إلى بث الفرقة والخلاف في تكامل الأدوار التربوية بما يخدم الصالح العام وحاضر ومستقبل ناشئتنا”، حسب البيان.
التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟