كم حقيقة عدد الدول المعترفة بجمهورية البوليساريو الوهمية؟

 محمد الشاوي

 وقفات احتجاجية وتظاهرات منظمة هنا وهناك بمبادرة  أحزاب ونقابات  ومجتمع مدني من أجل الثوابت الوطنية وفي مقدمتها القضية الوطنية الصحراء المغربية سواء بالشارع أو أمام البرلمان المغربي أو مقر الأمم المتحدة وذلك للرد على تصريحات بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، التي تحدث فيها عن “احتلال الصحراء”. تصريحات هذا المسؤول الأممي متناقضة تماما مع توصيات المنظمة، كما أنها تعبر عن موقف سياسي منحاز إلى أحد أطراف نزاع الصحراء المفتعل. فأيننا من إحلال السلام والاستقرار عوض الحروب والعدوانية؟

 والجميع يعلم أن الجزائر، وحدها المسؤولة عن نزاع الصحراء، كما أنها تقف وراء الوضع المأساوي الذي يعيشه اللاجئون إخواننا الصحراويون المغاربة في مخيمات تندوف مما يستوجب مطالبة المغرب وأصدقاؤه الأعزاء بالضغط على منظمة الأمم المتحدة  والاتحاد الإفريقي  والجزائر بصفة خاصة لوقف هذا العبث وإطلاق سراح المحتجزين.

 وأمام غياب دور فعال للاتحاد الإفريقي في القضية الصحراوية مادام الملف بيد الأمم المتحدة ورغم أن الاتحاد الإفريقي (منظمة الوحدة الإفريقية سابقا) من أهم المنظمات الإقليمية التي حاولت مساعدة الأطراف على إيجاد تسوية منذ بداية الصراع غير انه  في 12 يونيو 1983 حين انعقاد القمة 19 لمنظمة الوحدة الإفريقية وتبنت بالإجماع و ‏بحضور المغرب، القرار 104 الذي دعا أطراف النزاع الدخول في مفاوضات مباشرة قصد الوصول إلى اتفاق ‏توقيف القتال و توفير الظروف الملائمة لحل هذا النزاع . والخطوات الغير محسوبة للاتحاد الإفريقي باعترافه بالجمهورية الوهمية كدولة كاملة الحقوق أرغمت المملكة المغربية  بطبيعة الحال أمام هذا الغي والظلم على الانسحاب في عام 1984، التي كانت عضوا مؤسسا لمنظمة الوحدة الإفريقية في إشارة وصفها المراقبون بأنها لا تفيد المنظمة.

وللتذكير فقط بتعريف الدولة, حسب ما ورد في القواميس السياسية، هو نظام اجتماعي ذو استقرار وموارد وقدرات، تمكنه من ممارسة سلطة سيادية على السكان القاطنين بصورة دائمة وثابتة في أراض، ذات مساحة محددة:

–         السكان الذين يقطنون في مساحة محددة من الأرض بصورة ثابتة .

–         الأرض: أي مجال جغرافي محدد تسري عليه قوانين الدولة وفيه يعيش سكانها.

–         وجود نظام حكم رسمي تشمل عادة السلطات المركزية الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية.

–         السيادة   بمعنى أن تتوفر في الدولة سلطة عليا ذات قدرة فعلية لبلورة نظام سياسي, داخل مساحة محددة وتطبيقه على السكان القاطنين هناك, دون الخضوع لأي عامل آو كيان خارجي. و يجب أن تحظى سيادة الدولة باعتراف دولي.

والى جانب المقومات الأربعة المذكورة أي: السكان , والأرض, ونظام الحكم, والسيادة, تحتاج الدولة كذلك إلى توفر نوع من الاستقرار, والى ما يكفي من الموارد والقدرات, ليس فقط من اجل ضمان كيانها, وإنما من اجل تحقيق أهداف أخرى مثل توفير خدمات لمواطنيها في كافة المجالات, من رفاهية وتعليمية وصحية وثقافية.

والسؤال الملح كيف إذن هذه الدول اعترفت بهذا الكيان كما قام بذلك الاتحاد الإفريقي حين زاد في غيه باعترافه بـ”الجمهورية الوهمية”؟ كما يطرح السؤال كذلك كيف للعديد من الدول اعترفت بالكيان الوهمي وبعده ببضعة سنين تسحب الاعتراف ؟ وأين الحكومة الملتحية من هذا كله؟ للتذكير الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي وجولته بأمريكا الجنوبية . شتان بين دبلوماسية اليوسفي ودبلوماسية بنكيران.

و منذ وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع سنة 1991 عرفت الجمهورية الوهمية   تراجعا تمثل في تجميد بعض الدول علاقاتها معها وسحب البعض الأخر الاعتراف بها.

 وفي ظل الوضعية التي لا تزال المنطقة تعرفها، وضعية اللاحرب واللاسلم واللاحل بسبب تمسك كل طرف بموقفه تشبثت المملكة المغربية بوجودها في صحرائه والصحراء بمغربها وباقتراحها للحكم الذاتي المتقدم والشروع في تنفيذه. مما قد يسرع وثيرة الحل إن تمت الإجابة عن تساؤلات عديدة وأخرى تتطلب التوضيح الكامل  من قبيل : أين أصدقاؤنا في الاتحاد الإفريقي من اجل تصحيح الوضعية ؟ (الوهم الجمهورية المزعومة  في الداخل والواقع المملكة المغربية  خارجه). لماذا يحرم إخواننا الصحراويون الوطنيون من المفاوضات كأن جبهة البوليساريو وحدها تمثل الصحراويون وما دور الإخوان الصحراويون المؤسسون لجبهة البوليساريو الملتحقون بديارهم الحق ؟

 وفي 9 يوليو 2002، تأسس الاتحاد الإفريقي خلفا لمنظمة الوحدة الإفريقية على أمل تحقيق ما فشلت فيه المنظمة السابقة، إلا أن ذلك لم ينتج عنه أي تغير يذكر اللهم تدخلات هنا وهناك  وغالبيتها فاشلة لكن بالنسبة للقضية الوطنية عرفت انسحابات وتراجعات عديدة في الاعتراف بالكيان المصطنع الذي اختلق من عدم من قبل الجزائر. ويُسَجل أن معظم الدول التي اعترفت بجبهة البوليساريو كانت خصوصا في سنوات السبعينات، وهي الفترة الزمنية التي كانت تتسم بتوهج مطالب الانفصال وتقرير المصير، سنوات الحرب الباردة ، حيث اعترفت بهذه  الدولة الوهمية 83 دولة منها 35 دولة افريقية. أيام كانت جبهة البوليساريو تتبجح باعتراف أغلب دول إفريقيا وأمريكا الجنوبية بها. أما اليوم سحبت العديد من الدول اعترافها ، إذ بلغت إفريقيا 20 دولة ودوليا  45  دولة ،فيما جمدت بلدان أخرى الاعتراف بها.وما الذي تبقى إفريقيا (15 دولة ): الجزائر،انغولا،موزمبيق،تانزانيا،اثيوبيا،غانا،اوغندا،بوتسوانا،ليسوتو (مملكة في داخل اتحاد جنوب أفريقيا ) ،زمبابوي،نيجيريا ،موريتانيا،ناميبيا،جنوب إفريقيا،جنوب السودان(استقلال 9 يوليوز 2011). وغالبية هذه الدول تعيش أوضاعا سياسية هشة ونزاعات داخلية كالجزائر ونيجيريا مثلا . والملاحظ ان غالبية الدول الإفريقية انكلوساكسونية  ودوليا تعترف بالجمهورية الوهمية العديد من أشباه الدول(21): كورياالشمالية،فيتنام،كمبوديا،لاووس،جاميكا،غيانا،نيكاراكوا،المكسيك،كوبا،بابواغينياالجديدة،

موريشيوس،فنيزويلا،بوليفيا،اكوادور،غواتيمالا،ترينيدادوتوباغو،بليز،باربيدوس،السلفادور،هندوراس،تيمور الشرقية.

وبالنظر إلى الاعتبارات الجيوسياسية المتصلة بسياق الحرب الباردة، عملت الجزائر على عرقلة مسلسل استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وشرعت في تطبيق سياسية ممنهجة من أجل إحباط كافة مجهودات المملكة المرتبطة بحقوقها المشروعة في استكمال وحدتها الترابية. وبعد أن فشلت الوساطة الإفريقية منذ 1976عهدت قضية الصحراء إلى الأمم المتحدة.

وفي 30 أبريل من سنة 2007 تبنى مجلس الأمن القرار رقم 1754 الذي مثل نقطة تحول في مسار هذه القضية، مرتكزا على أهم النقاط التالية:
– عدم وجود أية مرجعية إلى المقترحات السابقة لاسيما مخطط بيكر الثاني؛

– دعوة الأطراف ودول المنطقة لمواصلة التعاون التام مع الأمم المتحدة ومع بعضها بعضا لوضع حد للمأزق الراهن ولإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي؛

– تقدير الجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية؛

– تكريس التفاوض كمنهجية مدعومة من طرف المجتمع الدولي لحل هذا النزاع وكوسيلة للإستجابة إلى حق تقرير المصير؛

– طلب الأطراف للدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع أخذ التطورات الحاصلة في الحسبان من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف؛

واليوم النزاع حول الصحراء  تحول واستخدم ك “أصل تجاري” من قبل منظمات وجمعيات وناشطين يعيشون زمن الحرب الباردة بفضل دعم النظام الجزائري المهووس بكراهيته للمغرب ، والذي يحاول إضفاء الشرعية على البوليساريو. ومع ذلك فالاتجاه ينحو نحو تغيير موازين القوى داخل الموقف الدولي العام بعد الاعتراف بجدية ومصداقية الحكم الذاتي.