كتاب “الشبكات الاجتماعية وحرب الليفياتان”

محطة24 – بقلم محمد بنعبد القادر

لعل في نشوء وتطور الشبكات الاجتماعية تكمن أكبر ظاهرة عالمية عرفتها المجتمعات البشرية خلال الثلاثين سنة الاخيرة، يتعلق الامر بقطيعة براديغمية وقفزة انتربولوجية يذوب معها الواقع في العالم الافتراضي.

آخر ما صدر في هذا المضمار كتاب “الشبكات الاجتماعية وحرب الليفياتان” الذي يقترح تحليلا فلسفيا نقديا للنتائج السياسية ، الإنتربولوجية والمتافيزيقية المترتبة عن مسار تحول عنيف بات يرمي بالناس نحو عصر جديد، هو عصر الشبكات الاجتماعية التي أصبحت بمثابة ليفياتان جديد GAFAM ( غوغول، آبل، فيسبوك، أمازون وميكرسوفت) ما فتئ يشن حربا شرسة ضد الليفياتان التقليدي أي الدولة (هوبز)، وذلك في أفق محو الحدود والمسافات، ونسف البنيات والمؤسسات، وبسط كامل سلطته على وجه الأرض.

هكذا، بفعل التطور الكاسح للتكنولوكيات الجديدة لن يعود في إمكان الناس الاحتفاظ بحدائقهم السرية، حيث يُوَلِّدُ تسريع وتيرة رقمنة العالم عبر الشبكات الاجتماعية، تحولات في السلوكات البشرية تمحو الحدود الأساسية خاصة بين الحياة العامة والحياة الخاصة.

من خلال فصول هذا المؤلف يحاول الكاتب الفيلسوف “روبير ريدكير” أن يبرز كيف أن الأثر الانتربولوجي للشبكات الاجتماعية يكمن بالضبط في تجريد الإنسان من خصوصيته déprevatisation ما يؤدي إلى توقيع شهادة ميلاد الإنسان الرقمي، واضمحلال الثقافة وانحلال العقد الاجتماعي، وإعلان البيغبانغ السياسي، ونهاية الرأي العام ، واستيلاء الافتراضي virtuel على كل مجالات الحياة، حيث يمضي الواقع نحو فنائه على نحو مغاير لقيامة القديس يوحنا، ولن تفنى الدنيا حينئذ بعودة المسيح أو باندلاع الحرب النووية ، وانما بذوبان الواقع في العالم الافتراضي.