محطة 24 – أحمد بيضي

 

أعلن أساتذة وإداريو وتلاميذ وتلميذات ثانوية طارق التأهيلية بخنيفرة، يوم الاثنين 6 مارس 2017، الحداد على وفاة الدكتور محمد أجباري، الذي رحل إلى جوار ربه، صباح يوم السبت 4 مارس 2017، بعد صراع مع ورم بالرأس دام لأزيد من 8 سنوات، سببه مضاعفات اعتداء أمني عقب مشاركته في معركة احتجاجية أمام قبة البرلمان.

وكان يشغل قيد حياته أستاذا لمادتي الفيزياء والكيمياء، حيث ساد الحزن وسيطر على الجميع في وقفة رمزية شهدتها المؤسسة صباحا ليتقرر مثلها مساء، تمت فيها قراءة الفاتحة ترحما على روح الفقيد، لتتحول الأجواء إلى مأتم مثير للألم والبكاء كالذي عاشته مواقع التواصل الاجتماعي، منذ انتشار نبأ وفاة الفقيد وإلى حين تشييع جثمانه، بعد صلاة المغرب، بدوار سعيدة، التابع لجماعة القصابي، ضواحي مدينة ميسور، في موكب جنائزي مهيب.

وخلال “وقفة الحداد”، بثانوية طارق التأهيلية، تدارست الأطر التربوية الخطوات والمبادرات التي يمكن القيام بها إزاء كل ما يهم ملف الفقيد حيث تم تشكيل لجنة لتتبع الإجراءات الاجتماعية والإدارية والأسرية التي تتعلق بمستحقاته المادية، وحقوقه لدى المؤسسات والمصالح المعنية بالأسرة التعليمية، وكانت وفاته قد خلفت حزنا عميقا لدى عموم الأطر التربوية ومعارفه ورفاقه، كما بين فعاليات الحركة النقابية، حيث كان مناضلا نقابيا في صفوف الجامعة الوطنية للتعليم بخنيفرة، وله علاقات طيبة ومميزة مع باقي الأطياف والإطارات الديمقراطية، ويحظى بكثير من التقدير بين كافة زملائه وسط الأسرة التعليمية منذ ولوجه، عام 2010، للوظيفة العمومية بقطاع التعليم، كمدرس لمادة الفيزياء في سلك الثانوي التأهيلي، بمديرية خنيفرة.

وكم كانت الصدمة قوية لما أكد الأطباء للدكتور محمد أجباري إصابته بورم خبيث على مستوى الدماغ، وظل رحمه الله يؤكد للجميع أن هذا الورم ناتج عما تعرض له من ضربة طائشة على مستوى الرأس، خلال صيف 2008 بالرباط، وهو لحظتها يقدم بعض الإسعافات لرفيقة له، سقطت مضرجة في دمائها، إثر تدخل عنيف في معركة فوج 2008 للأطر العليا المعطلة أمام البرلمان، حيث نقل إثرها صوب مستشفى ابن سينا بالرباط في غيبوبة تامة ليجد نفسه أمام نفق طويل من الفحوصات والعلاجات بمستشفى ابن سينا بالرباط، ثم بالمستشفى الجامعي بفاس، كما رحل للعلاج، خلال يوليوز 2010، إلى الديار الاسبانية، ولم تنفع أي من العمليات الجراحية في شيء.

ورغم معاناة الفقيد مع الورم الخبيث، ظل قويا صامدا، ملتزما بعمله التربوي، حتى أن أستاذة طلبت بتعويضه ليأخذ وقته مع رحلات العلاج، إلا أنها فشلت بفعل “تشدد القوانين التربوية”، ليظل الفقيد منتصب القامة أمام سبورة حجرته الدراسية على مدى سبع سنوات، قضاها بين ثانويات تازيزاوت بالقباب والحسن اليوسي بآيت إسحاق وطارق بخنيفرة، إلى أن أخذت حالته الصحية في تدهور كبير ليفارق الحياة بعدها، وهو بالمستشفى الجامعي بفاس.   

وفي تدوينه له، أكد زميله ذ. حوسى جبور، أن الفقيد “تحدث هاتفيا مع مجموعة من الأساتذة، قبيل وفاته، شاكرا لهم زياراتهم له، وتضامنهم معه”، مضيفا أن الفقيد، الحاصل على الدكتوراه في الكيمياء، كان صديقا عزيزا وأستاذا نموذجًا حَيا، ومثالا ًرائعا يحتذي بهِ للأستاذ المُربي الذي يتفانى في تأدية رسالته التربوية، ويشهد له بجميع المآثر والصفاتِ والميزات المثالية الحميدة كالمثل والقيم والمبادئ والعلم والوفاء والتواضع والأخلاق السامية”، كما “أدَّى، رحمه الله، رغم قصر المدة التي قضاها في سلك التعليم، وظروفه الصحية الصعبة، رسالته التربوية على أحسن وجه”، وقد ركز وقته أيضا في الاهتمام بشؤون أسرته وزوجته وابنتيه بخنيفرة، وأمه وشقيقه وأربع أخواته.