محطة 24 – أحمد بيضي
بمركز القرب (دار المواطن) بخنيفرة، نظمت “جمعية أمغار للثقافة والتنمية”، بتنسيق مع ماسينيسا بطنجة، أسيد بمكناس، أكال بالحاجب والهوية بالناظور، ندوتها الوطنية في موضوع: “الأمازيغية بعد دستور 2011″، تم خلالها تسليط الكثير من الضوء على التحديات التي تواجهها القضية الأمازيغية بالمغرب، وذلك بمشاركة الباحثين الأمازيغيين، ذ. حسن إد بلقاسم، حول “إقصاء الأمازيغ من السلطة والثروة”، وذ. مصطفى البرهوشي، حول “وضعية الأمازيغية بعد دستور 2011″، وبينما افتتحت أشغال الندوة بكلمة للرئيس الجمعية، التجاني السعداني، اختتمت بمناقشات ومداخلات الحاضرين.
ذ. حسن إد بلقاسم، انطلق في كلمته من التأكيد على أن “كل امرئ كان أمازيغيا يعني أنه يحب كل ما هو أمازيغي بتمازغا”، مذكرا بالاعتقالات التي شهدها المغرب في حق الفعاليات الأمازيغية، وبينهم هو نفسه لكتابته لوحة مكتبه بحروف التيفيناع، إلى جانب ما عاناه الأمازيغ من “اضطهاد وحصار وداعشية”، وكيف كانت “الأجيال الماضية تتغذى الاحتقار والكراهية للأمازيغ عبر المدارس والإعلام البصري”، إلى حين جاء الاعتراف الرسمي بالأمازيغية من خلال الخطاب الملكي والإعلان عن إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لغة وثقافة، ما أكد نجاح نضالات الجمعيات والحركات الأمازيغية، والذي أدى إلى تحقيق مجموعة من النقاط الأساسية الواردة في “ميثاق أكادير”، وإلى الاعتراف الدستوري رسميا بالأمازيغية والتعدد اللغوي، رغم ما تلا ذلك من تواطؤات ومناورات الحكومة السابقة، ومحاولات إجهاض الإرادة الحقيقية للاعتراف بالأمازيغية.
ولم يفت إد بلقاسم الحديث عن الحركات الثقافية الأمازيغية التي انتقل جلها “من حركات ثقافية إلى حركات من أجل حقوق الشعوب الأصلية، وتمكنت من الاندماج في الحركات العالمية، بينها الكونغرس الأمازيغي العالمي”، حيث أخذ صوت الشعوب الأصلية يدوي في فضاءات هيئة الأمم المتحدة التي فتحت واحدة من أشغالها لهذا الصوت، ليتوقف المتدخل عند شرح “حق الشعوب الأصلية” بكونها “لا تعني الانفصال، كما يدعي خصوم الأمازيغية، بل تعني تقرير المصير داخل الدول القائمة كما هو مبين ضمن وثيقة عالمية رسمية”، مجددا مطالبته ببناء دولة فيدرالية لا تمييز فيها ولا إقصاء، إن على مستوى الجنس والثقافة أو العرق والنسب.
وبدوره، انطلق ذ. مصطفى البرهوشي من إشارته لحالة الطفلة “إيديا” التي راحت ضحية الإهمال والتهميش بضواحي تنغير، مهديا إياها مداخلته حول “واقع الأمازيغية ما بعد دستور 2011″، أو ما وصفه ب “السياسة الجديدة للأمازيغية”، وكيف انتقلت المطالب “من مأسسة الأمازيغية إلى دسترة الأمازيغية”، متطرقا للخطب الملكية لسنوات التسعينيات، ومنها إلى خطاب أجدير حيث بداية المأسسة الحقيقية للأمازيغية عبر المدارس، دون أن يدع الفرصة تفوته للتعبير عن “فشل عملية إدماج الأمازيغية في سلك التعليم، باعتراف مدير المعهد الملكي نفسه”، بالقول إنه لم يتحقق ما كان مأمولا ومرجوا من هذا المشروع، رغم ما صرف عنه من مبالغ باهظة جدا، على حد قوله.
ومن جهة أخرى، توقف ذ. البرهوشي عند قراءة متأنية في ما جاء به دستور 2011 حول الأمازيغية والتعدد اللغوي، في ربطه بينها وبين العربية والعروبة والإسلام، بشكل لا يرقى إلى مستوى طموحات الأمازيغ، كما رأى أنه “رغم مضي 6 سنوات عن الدستور لم تظهر أية قوانين تنظيمية”، ما اعتبره “دستورا جاء فقط كرد فعل على ظروف استثنائية، ومحاولة لخلق توازن بين القوى السياسية”، في حين حلل معنى حاجة الحركة الأمازيغية لإعادة نظر في استراتيجيتها ولمشروع امازيغي متكامل يعالجها في شموليتها.
وعلى مستوى آخر، أشار إلى البعض ممن يشددون على تسمية المغرب العربي بالمغرب الكبير، بالقول أن ذلك سابق لآوانه، إذ “لا العروبية ماتت ولا تمازغا قامت”، و”على المثقفين المغاربة الإجابة عن مجموعة من التساؤلات التي ما تزال عالقة”، قبل انتقاله للحديث عن الحراك الأمازيغي الذي “حرر المجتمع من الخوف، وحرر الجامعات من التطرف اللغوي والقبلي، ومن الإيديولوجيات القومية، وحرر الشارع العام من الحظر والمنع، ولم يتبق من ذلك سوى تحرير السياسة والمؤسسات العامة”، ومن هنا جدد الدعوة إلى تنظيم سياسي أمازيغي “يتخلى عن المفاهيم التي أضحت متجاوزة، ويرقي بسياسة تدبير الشأن الأمازيغي”، وما “مقاطعة الحركات الأمازيغية للانتخابات إلا في عدم وجود الشروط الواضحة”، يضيف المتدخل.
وبينما قال بنهاية الحركات الثورية في العالم، توقف ذ. البرهوشي عند قراءة تاريخ المقاومة الشعبية الأمازيغية ضد المستعمر بالريف والأطلس والجنوب، ليدعو إلى ضرورة “الانتقال من عقل المقاومة إلى عقل المشروع على جميع المستويات والمجالات، الانتروبولوجية منها والثقافية والفكرية والهوياتية والحضارية.
التعليقات لا توجد تعليقات
لا توجد تعليقات
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟